تفشي الجريمة والمخدرات / د. هاشم غرايبه

5 – تفشي الجريمة والمخدرات

يعزو المتخصصون في السلوك البشري أسباب لجوء المرء الى الإجرام المفضي الى القتل لثلاثة أسباب: الطمع والإنتقام وفقدان العدالة.
الطمع هو اهمها وهو الرغبة بالإستحواذ على ما لدى الآخرين بغير حق، وبلا جهد.
الإنتقام يتم استجابة للشعور بالألم والمعاناة نتيجة فعل ظالم من آخر بحقه أو بحق شخص عزيز عليه.
أما فقدان العدالة فهو التعرض لقهر ظالم لم ينتصر له فيه الجتمع ممثلا بالسلطة الحاكمة، فيلجأ المقهور الى اتخاذ ما يعتقده حكما مناسبا بحق قاهره، أو بحق المجتمع إن اعتبره متواطئاً.
تعاطي المخدرات هو إجرام المرء في حق نفسه وبحق المجتمع بتعطيل انتاجه، كما أن ترويج المخدرات إجرام بحق من أصيبوا بالإدمان الذين تعطل دورهم المجتمعي وأصبحوا عالة عليه.
الجريمة والمخدرات كلاهما إفساد للمجتمع وإضرار بأمنه واستقراره، وتعطيل لتقدمه ونمائه، ويعلل المتخصصون علتهما أنهما يتفشيان في المجتمعات غير المستقرة وتلك التي تحكمها إدارات فاشلة أو مستبدة لا تحقق متطلبات الشعب الأساسية من الحريات العامة وتوفير فرص العمل وخدمات التعليم والصحة وسيادة القانون.
قد يكون ذلك صحيحا من الناحية النظرية، لكننا عند التطبيق نلاحظ أن تلكما الظاهرتين تنتشران في دول الغرب المتقدمة أكثر بكثير مما هي بين مواطني الدول العربية !
فلماذا يلجأ المرء الى ارتكاب جريمة طالما أن متطلباته متحققة؟ ، ولماذا يميل الى إذهاب عقله ودخول عوالم الهلوسة إذا كان واقعه مريحا وحضور ذهنه يدر عليه ربحا؟.
إذاً هنالك عوامل أخرى أكثر أهمية، لو دققنا لعرفنا أن الرفاهية وتحقيق المتطلبات لا تملأ الفراغ الروحي الذي يعاني منه الغربي بحكم أن نمط بناء شخصيته قد ألغى هذا الجانب ضمن الجهود الدؤوبة التي رسختها الرأسمالية على مدى عقود بتحويل الفرد الى مجرد مستهلك لمنتجات الرأسماليين، مفرغ من الإهتمام بغيره، وجل اهتمامه حصوله على المتعة والتسلية، لا شك أن ذلك يعني إلغاء جانب هام من حاجات النفس البشرية الفطرية ( التدين) وما يلحق بذلك من الإطمئنان والسكينة، والإيمان يخفض النوازع الأنانية (الطمع) ويعزز قيم العطاء.
كما أن المبالغة في تقديس الحريات الفردية(المبدأ الليبرالي) أتاح لشركات الأسلحة استصدار السماح بحمل السلاح، مما جعل القتل أمرا متاحا لكل من يقتنيه، وسهل عمليات السطو المسلح.
إن عدم تجريم تعاطي المخدرات بذريعة الحرية أشاع استعمالها بين صغار السن فوقعوا ضحية لاستغلال المروجين الذين ينتهجون مباديء الرأسمالية بتعظيم قيم الكسب بغض النظر عن الوسيلة، ومع غياب وازع الدين فإن هامش المباحات من المفاسد بات واسعا.
مما عرض آنفا نستنتج كيف أن المنهج البديل( الإسلامي) سيتكفل بحل كل المعضلات التي ذكرت:
فقتل النفس هو جريمة منكرة يعاقب مرتكبها في الدنيا ولا يعفو الله عن مرتكبها بل يُعذبه عذابا مقيما، فمن الذي تسول له نفسه ارتكابها وهو يدرك حتمية نواله هاتين العقوبتين؟
العلاقة التكافلية بين أفراد المجتمع لا تتيح مجالا للمرء للشعور بظلمه له، فمقياس التدين مدى نفع الآخر ومعيار التقوى فعل الخير، ووسيلة التقرب الى الله مساعدة المظلوم والفقير والأسير وعابر السبيل.
القضاء يتم بناء على تشريعات إلهية هي العدالة المطلقة، والدولة تتكفل بالحاجات الأساسية للناس.
إذا انعدم الظلم انقطع دابر الجريمة، واذا كان الإنسان مصلياً انتفت الحاجة الى ذهاب عقله بالمخدرات والمسكرات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى