تضارب المصالح / رامي علاونة

تضارب المصالح
قبل حوالي شهر تقريبا قامت مفوضة الأخلاقيات في كندا ماري داوسون بفتح تحقيق حول تمضية رئيس وزراء حكومة بلادها جاستن ترودو عطلة رأس السنة بضيافة ملياردير يرأس مؤسسة مسجلة في كندا ومدعومة من الحكومة الكندية بمئات ملايين الدولارات.
قد يبدو الأمر مضحكا للقارئ غير المعتاد على الحكومات النزيهة، لكن هذا الفعل يندرج تحت ما يعرف ب “تضارب المصالح” (Conflict of Interest) في الدول الديمقراطية التي لديها مؤسسات مستقلة ‘عن جد’، ويعتبر مخالفة صريحة للقانون والأخلاقيات وأبجديات العمل العام، إذ يحظر القانون في تلك الدول على المسؤول القيام بأي فعل او قرار قد يترتب عليه الإضرار المادي او المعنوي بمصلحة الدولة عن طريق تغليب مصلحة فرد او جهة معينة على المصلحة العامة، حتى لو تمثل هذا الفعل بقبول هدية صغيرة كسيارة ‘لاندكروزر’ مثلا.
ولتضارب المصالح في تلك الدول أشكال مختلفة، يترتب عليها عقوبات متفاوتة بحسب نوع الفعل، قد يكون ادناها ‘البهدلة’ والتعزير اعلاميا وقد يصل اعلاها الى درجة الإقالة من المنصب العام والمحاكمة.
وللتعريف اكثر بمفهوم تضارب المصالح في تلك الدول نذكر -على سبيل المثال لا الحصر- بعض الحالات التي قد تندرج تحته. فقد يتمثل تضارب المصالح عمليا في تعاقد مجلس نواب من خلال الحكومة مع مستشفى يملكه او يديره شقيق رئيس المجلس، او تلزيم عطاء في وزارة لشركة مملوكة لزوجة وزير او بيع شئ من ممتلكات الدولة لشركة يديرها ابن رئيس وزراء او حتى عزومة رئيس سلطة تنفيذية لرئيس وأعضاء سلطة رقابية وتشريعية على مبدأ ‘اطعم الثم بتستحي العين’…الخ).
شخصيا، كلما قرأت خبرا حول قضية تضارب مصالح في الدول المسعدة، ‘انغمّ بالي’ و زاد حزني على اصدقائي الكاراكوزيين، فبينما تجرّم الدول المتقدمة تضارب المصالح وتعتبره نوعا من أنواع الفساد، تقوم بلدهم كاراكوزيا بأسرها على مبدأ ‘تضارب المصالح’!

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى