تداعيات … / أحمد المثاني

بفرصة ثمينة ، سرقت نفسي من نفسي و الصّخب .. نظرت في المرآة ، تأملت الصورة المنعكسة .. أنكرتها أن أكون أنا .. لكأنّي أشاهدها لأول مرّة . الصورة تبوح بكل ما حاولت – جاهداً – أن أخفيه عن الأعين .
ليس في الصورة رتوش و لا مساحيق تلبسني قناعاً زائفاً ، فرضه عليّ مجتمع امتهن المصانعة ، و المجاملات الكاذبة
الآن .. وجهي عارٍ ، نزعت الضحكة الصفراء
و غسلت كلّ الأصباغ ، و استعدت تعابير
وجهي الطبيعيّة .. لست ملزماً لرسم سرور
أو دهشة أو رسم علامات رضاً .. و في داخلي قلب مجروح و حزن دفين ..
الآن ، سأحرّر مشاعري و أرسمها على وجهي بكل عفوية و صدق – كما الأطفال ..
ساطلق روحي و انفض عنها ركام المجاملات الكاذبة ، و سأستجمع كلّ شجاعتي لأقول للكاذب كذبت ، و للمنافق
نافقت .. سأضع أصبعي في عين الحاسد و الفاسد و المدّعي ..
انظر في المرآة ، و تحدّق بي صورة نفضت عنها زينة غرورها و نزلت من عليائها كي
تعيش بفطرتها .. و تلقي بمدنيّة زائفة أثقلتها ..
روحي تبحث عن انعتاقها من قيود ، كادت
تطفىء جذوة الحب فيها .. أريد أن ألبس حقيقة نفسي .. أريد أن أبحث عن عالم لم يفسده الخداع و النفاق .. سأرمي ثيابي الرسمية و ربطات العنق التي كادت تخنقني
و سأتحرر من خوفي و ضعفي من قوانين
مدنيتكم ..
سألحق بأسراب الطيور المهاجرة .. و أبحث
عن دفء المحبّة الصادقة .. سأغسل روحي
في بحيرة لم تلوّثها أدران مدنيتكم ..
سأبحث عن زهر حقيقي .. و عن شمس تشرق في آفاق نفسي ..
سأتصالح مع نفسي ..
سأصغي لصوت ضميري ..
سأستعيد حقيقة مشاعري ..
هناك .. سأنظر في المرآة .. علّني أنا أن
أكون .. أنا ..

– احمد المثاني –

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى