تخنتوها

في كل عام هناك موسم ينبت فيه السياسيون من تحت الصمت ، يزيد نشاطهم فجأة ، ينمون فوق صفحات الأعلام، ويكثر بوحهم عن ذكريات الطفولة وعن عبقريتهم في ادارة حكوماتهم ووزاراتهم عندما كانوا في موقع المسؤولية..دون ان يعترفوا ولو مرة واحدة بتحمل جزء من مسؤولية الفشل أو التقصير من باب إنصاف التاريخ والوطن..مصرّين على اكتساء رداء النجاح الخفي الذي لا يراه سواهم..تابعت لقاءات كثيرة لسياسيين غادروا موقع المسؤولية منذ سنوات وبعضهم منذ شهور،وقد افردت لهم صفحات الجرائد وأخذت لهم صوراً بأوضاع مختلفة و هم يشبّرون بإيديهم ويهم يدخنون وهم يضحكون وهم يطعجون متحدّثين عن ذكريات تعنيهم وحدهم ، وعن حكمة واقتدار لا احد يستطيع اثباتها غيرهم..القاسم المشترك بين جميع المتحفتلين السياسيين ذلك الاصرار العجيب الغريب على نجاح خططهم وصواب ادراتهم..أما سبب رحيلهم فجميعهم يؤكدون أنه جاء بسبب ظروف صعبة خارجة عن ارادتهم.. قد يزعجننا هذا التنصل من الاعتراف ، وقد لا يروق لنا ادعائهم بالنجاح والكل كاشف الطابق، لكن أكثر ما يستفزّنا أنهم جميعاً يزاحمون الفقراء في فقرهم وفي كدحهم وفي معاناتهم ..متقمّصين دور المسحوق والمعدم والعصامي.. أحدهم كان والده من اغنى أغنياء عمان في منتصف القرن الماضي قال في لقاء الصحفي انه كن يبيع العلكة،وآخر معروف انه ابن تاجر كبير ادّعى انه باع جعابير في امريكا ، وثالث قال انه عمل سائق سرفيس ورابع قال انه ياما قلى فلافل، وخامس من سلالة ثرية جدّاً يدعي انه كان يعمل كنترول باص..وغيرها الكثير.. من باب قلة الحيلة قد نغفر لكم تجريب سياسات فاشلة على ظهورنا..ومن باب الادمان على العجز..قد نتناسى أخطائكم الجسيمة وهفواتكم العظيمة.أما أن تزاحموننا على خاصّتنا الوحيدة الفقر والعوز والكدح..وتسلبونها منّا..اسمحوا لي أن اقول لكم : تخّنتوها… ahmedalzoubi@hotmail.comينشر هذا المقال بالتزامن مع موقع خبرني الشقيق http://www.khaberni.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى