بين رأسين

مقال الأحد 31-12-2017
النص الأصلي
بين رأسين
أغبط المحتفلين بالسنة الجديدة الذين ينشغلون طوال النهار في تحضير مائدة طويلة ومشروبات عديدة وموسيقى مناسبة ولوازم السهر لهذا اليوم التاريخي ، أغبط المحطات الفضائية التي تعد الدقائق تنازلياً للسنة الجديدة وتستقبل نجوم الغناء والفن والسياسة و تقوم بنقل الألعاب النارية من مختلف أنحاء العالم احتفاء بالعام الجديد ..أغبطهم لأنني لا أستطيع أن أفعل مثلهم ، لا انطوائية ولا بخلاً ولا ضعفاً ولا خجلاً..وإنما بسبب تجربتي الطويلة مع التفاؤل..
فالسنوات الجديدة مثل السياسيين الجدد كلما هلّلت لأحدهم وتحمّست له واحتفلت بقدومه ترحّمت على من سبقه وقلت يا ليت بقينا على ما كنا عليه فهذه سنة التغيير في العالم العربي ..
على أية حال في خضم الاحتفالات والساحات الواسعة والمتسوقين والساهرين برغم كل هذا الاتساع ..الا أنني أحس أني محشور بين رأسين ثقيلين في حافلة مكتظة ، رأس السنة المنصرمة الذي يرمي بأحداثه الثقيلة على كتفي الأيمن ورأس السنة الجديدة التي ترمي بمجاهيلها الكثيرة على كتفي الأيسر ..هذه تسلمني لتلك بمناوبة عجيبة وأنا مثل “المطلوب الأمني” لا أنا مالك لحريتي في السابقة ولا أنا مالكها في اللاحقة ، أنا فقط أتلقى الضربات والمطبات والهزّات في رحلة العمر التي لا أعرف في أي محطة ستتوقف..
في رأس السنة ، أحاول ان أفرح على قدّي ، صحن برتقال وإبريق شاي و”مخلوطة تسالي” وقليل من الأماني لكني لا أبالغ في الاحتفال ولا أبالغ في الأحلام فقد بالغت بالأحلام في سنوات الشباب وسقطت على رأسي ، ووسّعت رقعة الأمنيات فضاعت الانجازات في شقوق الإخفاقات ، لذلك أحاول الا أسرف بالأحلام والتوقعات وحتى لوازم السهر ، بحيث لو خسرت لن أخسر الكثير ولو ربحت سأربح أكثر مما هو متوقع ، مائدتي متواضعة وأمنياتي كذلك أتمنى أن يبقى كل من حولي بصحة وعافية ونجاح وان أتمتع بذات الصحة والروح فالثبات في مثل هذا السن تقدّم وتفوّق غير مرئي …
وبناء على ما سبق لا اهتم كثيراً بتوقعات المنجّمين على الفضائيات العربية ، فكلّما نجّموا لدولة فقدناها ، وكلما اختاروا شهر الحظ انقلب نحساً..الأحداث أسرع بكثير من التوقع ، حتى النجوم لم تعد تلحق بالإحداث لتعيد ترتيب مواقعها الجديدة..المشكلة أن خبراء الأبراج ما زالوا يصرّون على أن مواليد برج العذراء بانتظار أخبار مفرحة العام المقبل..أي عذراء يا شيخ والأمة كلها مغتصبة؟؟!!
أحمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. السنين 8 القادمة المخاض والولادة.. الحمد لله توأم مثل عمر وصلاح الدين..!

  2. الاستاذ الكاتب الاردني القدير احمد حسن الزعبي ليس بعد هذا الكلام المعبر ما يقال نحن نعيش في زمن اسوا مما جرى من تآمر على الامه اثناء الحرب العالميه الاولى المشؤومه….الحلم اصبح ترف والامل اصبح سراب.. حمى الله الاردن والوطن العربي مما يحاك له من اعداء الامه وكل عام والجميع بخير.

  3. اي احتفالات نقيمها واهلنا في فلسطين وسوريا والعراق وليبيا واليمن مشردون.كيف اجرؤ على انفاق المال وهناك طفل يتضور جوعا او شخصا عريان لا يجد ما يستره في هذه الايام الباردة كوجوه المحتفلين. كيف لنا ان نحتفل وهناك اطفال في السجون ونساء معاقلات . فلنستحي على انفسنا.

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى