حكاية فنّانتين / كامل النصيرات

حكاية فنّانتين

قال لي ((الأرفل)) وهو يبصق على المرآة : تخيل يا صاحبي بعد أن تهرم وتعطي كلّ ما لديك و تصبح مليئاً بأوجاع الشيخوخة يخرج عليك الذين ربّيتهم وكنت (سحسيلتهم) و(مرجيحتهم) بل كنتَ لعبتهم الكبيرة حينما كانوا صغاراً ..!
قلت للأرفل: اهدأ ؛ ما بك ؟ ما مناسبة هذا الكلام ..؟ ..ارتفعت وتيرة صوت الأرفل المتهدّج وقال : كلما رأيتُ (ختياراً) لا يقوى على المشي في الشارع وليس معه أحد ؛ أدركتُ أن وراءه حكاية مؤلمة..! ثمّ التفت الأرفل إليّ والدموع تملأ عيونه : أتعرف يا صاحبي؛ أعرف فنانة أردنية كانت كالفراشة ..تملأ الدنيا بحركاتها وصوتها وضجيجها..كانت تملك قلباً يعطي بلا حدود..وهي الآن في خريف العمر..انفضّ الجميع من حولها..لم أستغرب انكار المجتمع؛ فنحن هكذا دائماً..وقصص الفنانين عندما يكبرون وما يحدث لهم من ذل ومهانة تملأ الانترنت وما عاد الأمر سرّاً؛ ولكن الذي أدهشني؛ أن هذه الفنانة الكبيرة لها (قرابة) فنانة تعيش شبابها وشهرتها الكبيرة في كلّ الوطن العربي وتظهر بمظهر الإنسانية وتشترك في غالبية المبادرات التي تدعم حقوق الانسان وتوزّع الصدقات أمام الكاميرات..و..و..و..!
قاطعته وقلت له: معناتو ممتاز؛ مشكلة فنانتك الكبيرة محلولة ما دام عندها فنانة شابة بهذه المواصفات فلن تبخل عليها..! ضحك الأرفل بما يشبه البكاء وقال: بل هي مشكلتها..لأنها ستخرجها أو أخرجتها من بيتها وسترميها أو رمتها في الشارع..!
آه مما فعل الزمن..بل آه مما يفعله المنافقون بنا..وويل للعربي عند الهرم من هناك تبدأ حكايته مع من هم حوله ويبدأ عذابه الذي لا ينتهي إلاّ بالموت..!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى