بتوع اللبن / يوسف غيشان

بتوع اللبن
أعتقد غير جازم ، بأنني قرأت القصة في ( بخلاء ) الجاحظ ، وتحكي عن بلدة أراد أهلها أن يمسحوا عنهم تهمة البخل ، فقررت هيئة الختيارية ( المخاتير ) ، بموافقة جماعية من أهل البلدة ، أن تنصب في الساحة العامة زيرا عملاقا ، ويضع كل واحد من أهل القرية كوب لبن في هذا الزير يوميّا ، حتى يشرب منه ضيوف وزوّار البلدة مجانا .. ممّا يساهم في حملة علاقات عامة ناجحة لتبييض سمعة البلدة .
في اليوم التالي ، وعندما جاء أوّل الزائرين ، أولج (الكيلة) في الزير لتخرج منه تقطر بالماء غير القراح .. بعد صمت ووجوم استمر لثوان على سحنات أهل البلدة .. اكتشفوا ما حدث معهم بالتفصيل الممل …!! ولم تبيّن القصة ، إذا ما كانوا شعروا بالخجل أو الخزي ، أو على الأقل تأنيب الضمير.
الذي حصل أن كلّ واحد من أبناء تلك البلدة قال في نفسه أنّ الآخرين سوف يضعون اللبن ، فإذا وضع هو كوب ماء ، بدل كوب اللبن ، فسوف يختلط الماء بلبن الآخرين ، ولن يشعر أحد بشيء !!
.. فكرة ذكية .. لكنّ المشكلة أنها خطرت في بال جميع أهالي البلدة ، بلا استثناء ، فامتلأ الزير ماء .
يا سادة يا كرام ،
.. وتكبر هذه المدينة لتصير وطنا وشعبا يعجز عن مقاطعة سلعة ما ، أو اتخاذ قرار جماعي ما ، للحد من أسعار ، أو دفاعا عن موقف.. لأننا ، ببساطة، يتصرّف كلّ واحد منا على طريقة بتوع اللبن.
من كتابي (لماذا تركت الحمار وحيدا)الصادر عام2008
أعجبنيعرض مزيد من التفاعلاتتعليق

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى