باكورة الخلاف “الباقورة” / عبد الفتاح طوقان

باكورة الخلاف “الباقورة”

ليست جزر تيران و صنافير هي الوحيدة التي بامكان رفع قضية علي الدولة و الحكومة لاعاداتها الي الاصل و عدم التفريط بها ، بل ايضا اراض الباقورة التي احتلتها و سرقتها اسرائيل و تنازل عنها المفاوض الاردني .

و تتميز الحكومة المعدلة بوجود طرفي نقيض و تضاد بين وزرائها حول هذا الموضوع حسب تاريخ و شواهد من ماض الحياة السياسية ، و اقصد فكر و اجتهاد كل من الملقي رئيس الحكومة عضو لجان التفاوض مع اسرائيل و الدكتور العبادي الوزير في التعديل المعارض لمعاهدة السلام و رئيس لجنة الانتفاضة و ضد التنازل عن اراض الاردن خلال مسيرته و برامجه الانتخابية التي لا شك في مصداقيتها ووطنيته.

و اقصد البداية في معاهدة وادي عربة عام ١٩٩٤ تنازل الجانب الأردني كليا عن540 دونم , من اصل 6000 احتلتهم اسرائيل في عام ,١٩٥٥ مدعيا ان ذلك تم في مقابل إسترداد 850 دونم من أراضي الباقورة بما لها من أهمية استراتيجية فيما يتصل بالحقوق المائية الأردنية في نهري الأردن واليرموك.( المصدر ما أكده أيضاً رئيس الموساد الأسبق افرايم هاليفي، في مذكراته التي نشرها تحت عنوان “رجل في الظلال” من تسع سنوات ،تحديدا في عام ٢٠٠٨.

مقالات ذات صلة

(Man in the Shadows: Inside the Middle East Crisis with a Man Who Led the Mossad – Feb 5 2008 by Efraim Halevy)).

و تحدث في المذكرات رئيس الموساد أن المفاوضات كانت بينه و بين الملك الحسين مباشرة رحمة الله عليه ، و الباقي من المفاوضات شكليا متروكا لذكاء القاريء.

و يذكر رئيس الموساد منح الحكومة الأردنية عام 1928 عقد امتياز على كامل المساحة من اراض الباقورة إلى الصهيوني بنحاس روتنبرغ، لإقامة مشروع توليد كهرباء فلسطين، في مقابل حُدد حينها بثلاثة جنيهات فلسطينية لكل دونم في عقد امتياز محفوظ في دائرة الأراضي والمساحة في مدينة إربد، شمالي الأردن. و تجد الاشارة ان من حق النواب الاردنيين الاطلاع علي هذا النص من عقد الامتياز و دراسته في اللجنة القانونية .

و نتسائل هنا هل اطلع مجلس النواب الحالي علي هذا العقد ؟ و لماذا لا يتم ادراجه علي جدول اعمال مجلس النواب في جلسة خاصة يسآل فيها رئيس الحكومة بصفته مهندس بعض من ملفات معاهدة السلام و عضوا في طاقم المفاوضيين ؟.

اليس دور الحكومة الحفاظ علي سلامه اراض الدولة ؟ و اليس التنازل عن اراض الدولة هو خيانة ؟ و اليس أن حدود الدولة يحددها القانون ؟ و اليس أن الدستور الاردني أناط بالسادة النواب ممثلي الشعب في البرلمان سلطة الموافقة او رفض الاتفاقات الدولية التي تبرمها الحكومة ، دون المساس او التنازل عن اراض المملكة ؟ .

اليس الاختصاص الدستوري التشريعي للقوانيين هو حقا برلمانيا لا يمكن سلبه من البرلمان كما لا يمكن للبرلمان التنازل عن اراض الدولة بل واجبه حمايتها و حماية اراضيها؟ .

لقد اوهمت بعض من الحكومات الاردنية الشعب بان اراضي الباقورة تم تاجيرها لاسرائيل لمدة خمسة و عشرين عاما، عوضا عن اعلام الشعب ان المفاوض الاردني وافق و اعترف بشرعية الاحتلال الاسرائيلي لهذه الاراضي من خلال الاعتراف بالملكية الفردية للمواطنين الاسرائيليين لهذه الاراضي, ووقعت و اقرت الحكومة الاردنية المفاوضة بان هذه الملكية هي ملكية مستمرة لا تنقضي بانقضاء الزمن, وتنازلت الحكومة الاردنية عن سيادة الاردن على هذه المناطق وأخضعتها للقانون الاسرائيلي ( الفقرة ت : من البند الرابع )و اكتفت بسيادة اسمية لا فعلية على هذه الاراضي ورقيا , والاسوء من ذلك ان الاردن التزمت بحماية المحتل في هذه المناطق دون اي مقابل ،( البند الثاني من الملحق الفقرة د. الذي ينص علي اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لحماية ومنع التحرش او ايذاء اي شخص يدخل هذه المنطقة بموجب هذه الاتفاقية).

و التزمت الاردن بعدم تطبيق القوانين الاردنية الجنائية( علي ارضها ) فيما يتعلق بالنشاطات في تلك المنطقة علي المواطنيين الاسرائيلين مما يسمح لهم بقتل الاردنيين دون ملاحقة مثلا ( الفقرة ج من البند الرابع).

و تضاربت المواد في الفقرة أ من البند الرابع في ملحق الاتفاقية الذي ترك باب مواد القانون الاردني مفتوحا علي مصرعيه متغافلا عن حق السيادة الاردنية علي الارض الاردنية سامحا لاسرائيل الحق بالقيام بأية نشاطات و اجراءات من اجل تطبيق القانون الاسرائيلي في الاقاليم .

و اقصد ان الاتفاقية لم تحدد ما هي تلك الاقاليم من الاراض الاردنية مما يعني التنازل عن السيادة الاردنية.

و الادهي ان الحكومة الاردنية في ذلك الوقت ، عبر المفاوضيين ، حسب رؤية البعض و اعتقادهم انها تنازلت و سمحت في ملحق الاتفاقية و الذي عرف بأنه ساري المفعول لمدة 25 عاما قابلة للتجديد تلقائيا، و سمحت بانتقال الاراضي في هذه المنطقة لاشخاص لا يحملون الجنسية الاسرائيلية , يخضع لموافقة السلطات الاردنية. ( فقط في حال ان المشتري لا يحمل الجنسية الاسرائيلية) ، و القصد اسرائيل لها الحق في بيع الارض لاسرائيليين اخرين فقط و كانها اراض اسرائيلية ملكا خالصا لهم .

“أن الباقورة هي ارض اردنية سلختها اسرائيل عن الاردن” ، مقولة متداولة حسبما سمعها الشارع الاردني في النقابات المهنية و علي لسان رئيس لجنة الانتفاضة و النائب الاسبق الدكتور ممدوح العبادي و الذي هو الان وزيرا فاعلا في حكومة اردنية معدلة يرأسها احد طاقم ملفات التفاوض الاسرائيلي ، الذي يعتقد البعض انه ضمن من اقروا بما ورد فيها من تنازل عن الباقورة “ ،أو علي الاقل لم يعترض ، مما يوحي للعديد ، بل من المفترض ، بأن اول نقاط الاختلاف داخل الحكومة المعدلة و مجلس الوزراء هو موضوع “قضية الاراض الاردنية “ و ينتظر العامة جلسة لتوضيح من هو علي صواب ، رئيس الحكومة ام من اتي به وزيرا في التعديل ؟ ، ام كما يروي البعض ان وجهات النظر تغيرت و تبدلت من كلي الاطراف يحكمها “الكرسي الدوار “ و مغانم “ الدار ؟. الايام هي الحكم.

ان اراض الباقورة بوضعها الحالي تعتمد التآجير الاوتوماتيكي ، و هذا اعتراف أردني معلن و مباشر بالسيادة الآسرائيلية علي ارض اردنية و يسمح لاسرائيا بحق الاستخدام للباقورة و احتلال لها دون تسمية بموافقة واذعان الحكومة الاردنية مما يحتاج الي جلسة خاصة في البرلمان و مسائلة واستجواب للرئيس بقوة اقوي من “مقياس تيران و صنافير” و تعتمد ريختر المواطنة و الدفاع عن الوطن و اراضيه.

الباقورة اردنية .

aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى