اليورانيوم في العقبة .. مقابل جسر الملك سلمان

سواليف
يمكن التقاط ما هو جوهري في تلازم المعطيات التي يكشف عنها مقربون من القصر الملكي الأردني في سقف زمني متناسق كانت السعودية حصريا في بؤرة مشهده خلال اليومين الماضيين.
الاستثمار في مجال «استخرج اليورانيوم» وتحديدا في مدينة العقبة جنوبي الأردن بمحاذاة المشاريع الجديدة بين مصر والسعودية هو المفاجأة الأبرز التي انتهت إليها عملية التواصل الأخيرة المباشرة بين عمان والرياض والتي نضجت بولادة مؤسسة تضمن ديمومة التفاهم باسم المجلس التنسيقي الأردني السعودي.
ذلك الجانب في المفاجأة كشفه رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق والمبعوث الرسمي لملف العلاقات بين البلدين الدكتور باسم عوض الله وهو يبلغ الصحافة الأجنبية بأن القرار اتخذ بتخصيص مليارات من الاستثمارات في السعودية بالأردن.
الاستثمار حصريا في مجال اليورانيوم الأردني هو عليه «سر الأسرار» الذي كان غامضا حول زيارة الأمير محمد بن سلمان الشهيرة للعقبة وهو الآلية التي ستضمن المصالح الأردنية وتحديدا في العقبة بعد الاتفاق مع نظام السيسي المصري على «توسيع» نشاط قناة السويس بقيمة 25 مليار دولار. عوض الله كان مباشرا وهو يتحدث عن استثمارات سعودية في طريقها لبلادها بموازاة النشاط الاستراتيجي في العلاقة المصرية- الأردنية والرجل تقصد بوضوح تسليط الضوء على تلك المساحة المتعلقة بالعقبة تحديدا كمدخل استثماري سياسي واسع النطاق ثلاثي الأبعاد يضمن السيطرة الأردنية والسعودية والمصرية على الممرات المائية للبحر الأحمر. ما لم يقله عوض الله الحريص على التحدث بلغة الخبراء والاقتصاد والأرقام فقط هو الجانب السياسي ليس فقط في استعداد السعودية لمنح الأردن ما يبحث عنه من سنوات طويلة من مبالغ تخصص لاستخراج اليورانيوم وهو ملف إستراتيجي في قطاع الطاقة.
ولكن أيضا في الدلالات الأعمق والصورة التي اكتملت في برامج السيطرة على إيقاعات البحر الأحمر عشية الانبعاث الجديد للدولة السعودية العصرية وولادة مشروع إحياء النظام الرسمي العربي ولكن بأدوات مختلفة هذه المرة.
اليورانيوم يبحث الأردن عن من يضخ مليارات في الاستثمار فيه منذ 15 عاما دون فائدة ويمكن من باب التحليل القول بأن المال السعودي المتدفق هنا حصريا سيكون مهمة مؤسسة التنسيق الجديدة التي منحت مصر مثيلا لها.
وفقا لمسؤول أردني خبير لا توجد أرقام مالية ستتدفق مجانا من المحفظة السعودية إلى الأردن أو مصر بل توجد استثمارات ستحظى بالأفضلية ولأسباب سياسية ملموسة وبناء على دراسات السوق والجدوى ووفقا لأنماط «تبادل المنافع» والمصالح. تلك طريقة علمت «القدس العربي» مبكرا أنها المفضلة بالنسبة للجيل الشاب من الأمراء السعوديين وعلى رأسهم محمد بن سلمان.
وفي الحالة الأردنية هي الطريقة التي تفضلها القيادة الأردنية التي حرصت مع السعودية حصريا طوال الوقت على التحدث بمزايا وعوائد الاستثمار في الأردن والتخلص من تراثيات خطاب المساعدات والمنح وإنشائيات الأخوة والمشاعر القومية.
يبقى أن على حكومات ونخب الأردن ومصر الاستعداد والتحوط لاستحقاق التعامل مع الاستثمارات السعودية التي تقرر أن لا تحل المشكلات المالية في البلدين بقدر ما تساعد فيما يسميه رئيس الوزراء الأردني الأسبق سمير الرفاعي بتوسيع الاقتصاد الأردني مثلا حتى تتقلص تأثيرات المديونية التي لن تنخفض بكل الأحوال.
الخط الجديد في التفكير الاستثماري المسيس يناسب الأردنيين وسيساهم على الأرجح في وجود طبقة جديدة من الحكام ورموز الدولة في عمان قادرة على الهضم والمتابعة مع فريق الأمير محمد بن سلمان وإن كان لا يعالج مشكلة النظام المصري المعقدة ماليا واقتصاديا وإداريا.
المطلوب من مسؤولي الأردن ومصر بالمقابل إظهار الجدارة في القدرة على إدارة الاستثمارات السعودية الجديدة وتجنب الأخطاء والتعامل معها بمهنية واحتراف، الأمر الذي يخشى خبراء أن لا يحصل على المستويات الحكومية.

بسام البدارين – القدس العربي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى