الواوي / سهير جرادات

الواوي
سهير جرادات

يحتل “الـواوي” البطولة في الكثير من القصص التي ما زالت عالقة في أذهاننا منذ الطفولة ، اذ كان يحتل مساحة كبيرة من عقول آبائنا وأجدادنا ، ولا تخلو حكايات وروايات جداتنا وأمهاتنا من وجود ” الواوي”، اما في بدايتها أو نهايتها ، كونه مضرب المثل في الخديعة .

كان ” الواوي” ، وهو حيوان مفترس يختفي نهاراً وينشط ليلاً ، ويعيش في كهوف صغيرة تسمى (وكر) ، وكان يسبب القلق الدائم لأجدادنا وجداتنا لمحاولاته المستمرة بالاعتداء على ما يربون من دجاج ، من خلال ممارسته المكر والدهاء اللذين يتصف بهما .

في أيامنا هذه لم يعد يقتصر وجود ” الواوي ” في الروايات والحكايات فقط ، بعد أصبحت شخصيته ومواصفاته الأوسع انتشارا ، حيث نجده في كل مكان ، في أماكن العمل وغيرها ، ويوجد بيننا وبصورة واضحة ، بغض النظر إن كان شخصية عامة أم خاصة .

وإلى حد ما… أصبحت شخصية ” الواوي” مطلوبة لتسهيل مخططات أصحاب “اللوبيات” و”الشلليات” لتنفيذ أعمالهم ، بنفس اسلوب المكر والخداع والتلون لتحقيق مصالح زمرة معينة بعيدا عن المصلحة العامة ، وبعيدا عن النتائج وآثارها السلبية على مؤسسات الوطن.

رغم التشابه الكبير بين ” الواوي ” الحيوان، و” الواوي ” المتملق والماكر والمقتنص للفرص ، إلا أن هناك فرقا وحيدا بينهما ، في طريقة ممارسة نشاطهما .
حيث اننا نشاهد ذلك الحيوان المفترس يمارس نشاطه في الليل ، ويختفي نهارا ، فيما لا يستحي ” الواوي ” المنتشر بيننا في أيامنا هذه، من ممارسة نشاطه جهارا نهارا ، ولا يعيش في الكهوف الصغيرة بل يعيش في القصور التي اتخذ منها وكرا له .

هذا ” الواوي ” الذي ينتشر بيننا يمتلك مهارة فريدة في الصيد ، واقتناص الفرص بممارسته للدهاء ، بمساعدة أعوانه الذين يعتمد عليهم في تنفيذ خططه مقابل تقديم الأعطيات لهم والغنائم، التي تأتي على شكل مناصب ووظائف حساسة .

دون الالتفات إلى ” الواوي ” الحيوان المفترس ، أو الانسان “الواوي” الذي يقتنص الفرص ، والاختلافات والتشابهات في الشخصيات والأسلوب ، إلا أنهما يبقيان ” واوي ” ، تجمعهما صفات المكر والدهاء واغتصاب حقوق غيرهما .

يتربص ” الواوي ” الذي ينتشر بيننا؛ للناس في أماكن عملهم , ويحاول التقرب منهم بمجموعات من “الواويات” التي تجمعها مصالح مشتركة ، ووظيفتها الوقوف خلف ” الواوي ” الكبير وحمايته ، وتسهيل مهمته ليعيث فسادا ، فيقتنصون الفرص ويحصدون المناصب والأعطيات .

وبعيدا عن تلك الأوكار ، أو ما أصبحت تعرف بالفلل والقصور التي يتمتع بها ذلك “الواوي” المقتنص للفرص بالطرق غير المشروعة ، علينا أن لا ننسى أن هذه الواويات لا تشعر بالأمان ، ولا الراحة ، ولكنهم يبرزونها بمشاعر مصطنعة يؤدونها ببراعة.
ويبقى “الواوي ” واويا ، لا يخرج عن نطاق الخسة ولو لبس افخر الثياب وتكلم بكل الالسنة ..

Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى