النهاية / سهير جرادات

النهاية ..

سهير جرادات

في الماضي ، كانت كلمة ” النهاية .. ” تتصدر الشاشة في جميع الأفلام القديمة التي تعرض

في صالات السينما، وهي كلمة مألوفة تنبه المشاهد إلى نهاية أحداث الفيلم الذي تابعه على

مقالات ذات صلة

مدار ساعتين، أو ثلاث ساعات من الزمن على أقصى حد .

وفي وقتنا الحاضر ، غابت كلمة ” النهاية ..” في ختام العروض السينمائية للأفلام التي نشهدها،بعد أن أدرك صناع السينما أن من أجمل النهايات في الأفلام السينمائية ، تلك النهايات المفتوحة ، التي تترك الباب مفتوحا أمام خيال الجمهور، الذي ينتظر أن يتعرف إلى نهاية القصة التي اصبح شريكا بها،لتتركه يفكك رموزها ويضع الحل لها كما يشتهي، او يتخيل .

النهايات المفتوحة للأفلام ، تترك باب التأويل ؛ مفتوحا على مصراعيه أمام خيال الجمهور ، وتحفز مخيلته لكشف عناصر مخفية تسبب الكثير من التداعيات ، وتترك باب الاستمرارية لقصة الفيلم وتوقعاتها مثار نقاش لا ينتهي ، لكنها نهاية تسجل انتصارا للمخرج ، وقدرته على اشراك الجمهور في الفعل وما يجري من أحداث وبالتالي تحقيق النجاح للفيلم ، الذي بني على نهاية مبهمة، ليصبح الأكثر شهرة .

في جميع الأحوال ، نهاية الفيلم تدل على ذكاء المخرج، الذي يعتني بأدق التفاصيل لحيثيات الفيلم، الذي وصل به إلى هذه النهاية الغامضة ، دون أن يأخذ بعين الاعتبار رغبة الجمهور ، بل اهتم بترسخ الفكرة المقصودة من الفيلم، الذي عهد له تنفيذ تفاصيله بدقة متناهية لصالح منتج العمل.

ظهرت في آخر الأفلام التي شهدها الجمهور ، نهايات ألهبت مشاعره ، حيث تعالت الهتافات والأصوات والتصفيق من قبل الجمهور قبل أن ينتهي الفيلم ، وحتى قبل أن تظهر كلمة ” النهاية ..” في خاتمة العرض لأحداث القصة ، التي عرضت أخيرا في الشوارع وعلى الدواوير، كان الجمهور هو نفسه، المؤدي والممثل في الوقت ذاته.

قد تبدو النهايات في مجملها سعيدة ، وهي التي يرغب بها الجمهور ،حتى لا يخرج حزينا أو مصدوما ، إلا أن المضمون يظهر عكس ذلك ، فصناع الأفلام لهم غاياتهم برفع ايرادات “شباك التذاكر” ، حتى لو تجاهلوا رغبة الجماهير مقابل ارضاء ما بداخلهم ، وحتى لو أدى ذلك إلى الخروج عن النص ، والبعدعن المنطق ، ومغالطة الحقيقة، وإفساد الفكرة ، وتبديد المضمون.

بقدر أهمية منتج الفيلم، إلا أن نجاحه يتوقف على المخرج ، الذي بدوره يُنجح السيناريو أو يفشله، عبر وضعه خطة محكمة لمجريات الفيلم وأحداثه، ليترجم النهاية المراد تحقيقها ، معتمدا على خبرته فيرسم الخطط ويحللها ثم ينفذها، حتى يضمن تحقيق الايرادات المرجوة من عملية الانتاج.

في حالة الإخراج السينمائي سواء على الشاشات ، أو في الساحات، يكون دور المخرج وضع الصورة النهائية لتنفيذ السيناريو الذي آمن به المنتج ، ووضع تصوره المقنع للجمهور ، وذلك من واقع خبرته التي يضعها بالتشارك مع طاقم العمل، خدمة للمنتج .

في الذاكرة ، الكثير من الأفلام التي تسير نحو النهايات السعيدة ، وتحقق الراحة والسرور للجمهور، إلا أنك تكتشف في بعضها،أن المخرج فجأة يقرر افساد

الفكرة فيغير السيناريو وسياق الأحداث ، لتكون النهاية غير سعيدة ، حتى لا تتولد قناعات لدى الجمهور تشعره بالفخر أنه قام بعمل بطولي ، ولو أن المخرج زيف الحقائق الموجودة، وصولا إلى نهايات لا تنسجم مع حيثيات الفيلم ، لكنها تصب في مصلحة المنتج، وما على الجمهور إلا أن يسلم بها .

منطق الحياة يتنافى مع وجود خاتمة للأفلام ، لذا .. كل فيلم، وأنتم بألف خير.

Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى