النفايات تحترق … / هبة إميل العكشة

النفايات تحترق …

ماذا تفعل عندما يقترب موسم الشتاء ؟؟؟ تفكّر بشراء حذاء جديد ؟؟ ربما معطف جديد أيضاً ؟؟ أليس هذا هو الوضع الطبيعي !!! أن تبحث عن أفضل الوسائل لتدفئة نفسك !
لكن في مكان ما في الأردن و تحديداً في إحدى قرى الشمال… يجمع الناس الأحذية و الأقمشة البالية من حاويات القمامة في موسم الشتاء … لا لارتدائها, بل لإحراقها كوقود للتدفئة !!

هذه هي الحقيقة الموجعة التى طرحتها النائب منتهى البعول في إحدى جلسات مجلس النواب, و التي كانت أيضاً موضوعاً للنقاش في إحدى البرامج الإذاعية الصباحية, والإتصالات من المواطنين أكّدت هول المعاناة و ما يترتب على الفقراء من أضرار صحية ناتجة عن احتراق هذه المواد … أطفال يعانون من أمراض في الجهاز التنفسي و ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان, أجواء ملوثة و سحب سوداء تغطي سماء أجمل مناطق الأردن طبيعةً.

هل حقاً هناك في الأردن من يتدفأ بالأحذية و الأقمشة و الكاوشوك !! أم أن هذه هي الطاقة البديلة التي تحدث عنها السيد عقل بلتاجي في إحدى المقابلات التلفزيونية عندما شرح كيفية استخراج الطاقة من النفايات !!!

مقالات ذات صلة

أعلم أن هناك فقراء لكن لم أكن أعلم أن الفقر وصل إلى هذا الحدّ … الحدّ الذي جعل المواطن يتحمل عناء جمع النفايات و حرقها و احتمال رائحتها القاتلة من أجل القليل من الدفء. إن هذا يُنبىء بأشياء أكثر سوءاً؛ فالمواطن الذي لا يستطيع شراء “قلن” الكاز الذي “من المفترض” أنه أرخص أنواع الوقود لن يستطيع شراء اللحوم مثلاً أو الخضار و الفاكهة التي يفوق سعرها أحياناً سعر اللحوم!!!
أعلم أننا بلد فقير بالموارد – أوعلى الأقل هذا ما علّمونا إياه في مادة الاجتماعيات – لكن هذا لا يبرر أن يتجمد أطفالنا من البرد أو يتنفسوا مواد سامة لأن عائلاتهم لا تمتلك ثمن الغاز أو الكاز أو حتى الحطب ! و في المقابل هناك من يشتري – على حساب خزينة الدولة- أحذية وملابس بثمنها نستطيع أن ندفىء أطفال الأردن جميعاً… المسألة ليست مسألة أحذية و ملابس فقط … هناك انتهاكات واضحة لخزينة الدولة بحسب ما أوضح التقرير الأخير لديوان المحاسبة؛ هناك رواتب فلكية و مكافئات خيالية, هناك من يسافر و يتنقل و يأكل و يلبس على حساب المال العام !! لماذا إذن في خزينة الدولة ما يكفي لمَلْء خزائن ملابس بعضهم و ليس فيها ما يكفي ليملأ منازل الفقراء دفئاً ! لماذا عندما ياتي الأمر إلى المواطن تصبح خزينة الدولة فارغة ؟
خزينة الدولة التي من المفترض أن تكون من المواطن و إلى المواطن أصبحت من المواطن و إلى …… !!! يقول إدوارد غليانو: “نحن لا نعاني من نقص في الأموال, بل من زيادة في اللّصوص !! ” …. و ما أكثر اللصوص في بلادنا !

غنّى لطفي بشناق يوماً للمسؤولين قائلاً: “خذوا المناصب و المكاسب لكن خلّولي الوطن” … و يبدو أن كثيرين سمعوا كلامه !! و نهبوا الوطن… و الوطن المنهوب يا أستاذ لطفي لا يعود وطناً … لأن الوطن يعني كرامة العيش, يعني أن تعطيني الدولة أبسط حقوقي, يعني أن ينام أطفالنا في دفء, يعني أن يكون سعر الوقود في متناول يد الفقير, يعني أن يأتي الشتاء دون أن نخاف البرد.
hebaakasheh07@gmail.com

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى