الملعب السياسي / سهير جرادات

الملعب السياسي
من المتعارف عليه، في لعبة كرة القدم، أن الملعب مكوّن أساس في اللعبة ، حيث هو المكان الذي تدور فيه أحداثها، والتي تجري ضمن شروط موضوعة مسبقا ، من حيث الوقت المحدد لها ، وعدد اللاعبين وتقسيمهم بين دفاع وهجوم ووسط وحراسة مرمى ، واللاعبين الاحتياط ، وعدد الحكام الذين يراقبون سير اللعبة ضمن الأسس الموضوعة لها داخل أرضية الميدان التي تقام عليها اللعبة، والذي اسمه” الملعب “.
ولا تقل أهمية أرض الملعب عن المرمى، الذي يجب اختيار حارس له بكل عناية ، كونه العين الساهرة على عدم تسجيل اي اهداف به ، ويمتاز بقدرته الفائقة على صد الهجوم الذي يواجهه .
ولضمان سير اللعبة على الأسس والشروط والأحكام التي وضعت من أجلها ، يتم تحديد حكام تكون مسؤوليتهم مراقبة سير اللعبة ، وعدم خروجها عما حدد لها من شروط ، واعطاء هؤلاء الحكام صلاحية منح البطاقات الحمراء للاعبين الذين يخرجون عما هو محدد لهم في اللعبة من دور .وبالتأكيد أصغر مكون من مكونات اللعبة من حيث الحجم، هو “الكرة” ، التي تعد من العناصر المهمة؛ إذ لا يمكن للعبة أن تتم من دونها ، ودونها لا يمكن تطبيق الشروط والاحكام والقوانين عليها ، ولن يتمكن اللاعبون من اللعب ، ولا يبقى للحكام أي دور للتحكيم .
ولو عكسنا ما يجري في الملعب الرياضي على ما يجري في الملعب السياسي ، نجد أنهما متطابقان ومتشابهان ، من حيث وجود اللاعبين الأساسيين ، والاحتياط ، والحكام الذين يكون دورهم رقابيا تكتيكيا ، الى جانب وجود مرمى وحارس له يحرص على ان لا يسجل اهداف في مرماه ، والاهم وجود ” الكرة ” التي هي بالغالب تمثل شعوبا لا حول لها ولا قوة ، وعليها ان تدفع ثمن ما يخطط لها من قبل الحكام الذين لا يشترط عليهم ان يطبقوا داخل الساحة التي تجري بها اللعبة السياسية الأسس والقوانين والأنظمة ، والتي في الغالب تكون غير موجودة ، واذا وجدت توضع بعد تفصيلها بعيدا عن الأخلاق والانسانية ، رغم أنها تحدد مصير الشعوب التي تقع ضمن بقعة الأرض التي تدور عليها الاحداث ، أو ما يمكن ان نطلق عليه اسم الملعب .
لا يعير الساسة أرض الملعب اي اهتمام ، ولا يحرصون على توفير شروط السلامة في الساحة المخصصة لتنفيذ اللعبة السياسية ، ولا يوفرون أدنى درجات السلامة للاعبين ، الذين يطلب منهم الأداء الأفضل، الذي يصب في تنفيذ مصالحهم بعيدا عن شروط السلامة العامة للاعبين، الذين يتم استخدامهم داخل الملعب ، أو إخراجهم منه بمنحهم الكرت الأحمر على الرغم من أنهم لم يرتكبوا خطأ يذكر.
صحيح أن مكونات اللعبة السياسية تكون متوافرة من لاعبين، وحكام، وملعب ، وكرة ، وحارس مرمى ، الا أن قوانين اللعبة يتم وضعها بطريقة جائرة وغير منصفة ، لا تراعي البعد الانساني ، بل تقوم على حماية المتحكمين باللعبة ، الذين بالأصل هم من وضعوا القوانين لخدمة مصالحهم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى