المفتاح الأوحد للنجاح / سهى عبد الهادي

المفتاح الأوحد للنجاح

من منا لا يبحث جادا عن غد ومستقبل مشرق ؟ من منا لا ينفك يسعى ويسعى ليصل بنفسه وبمن يحب لمرفأ السعادة والأمان ؟

كل فرد على هذه البسيطة يبتغي النجاح وتروم نفسه للوصول الى مرتبة أفضل ، ومكانة تعلي من شأنه بين أقرانه ، أحلام النجاح وتحقيق الذات تراودنا جميعا ، تعزف الحانا محببة لآذان وقلوب ملايين الناس ، وليس في ذلك عيب أو خطأ ، فالإنسان مجبول على العمل الجاد والإجتهاد ، وله نفس تواقة للنمو على مختلف الأصعدة

على المستوى المادي يطمح الإنسان لإكثر من الإكتفاء الذاتي ، ولعل الغنى وسعة العيش ورفاهيته تداعب خيالات معظم الناس ، ولا يعتبر ذلك غريبا مع إرتباط الحياة العصرية وإلتصاقها الوثيق بأوجه المادة المتعددة ، وعلى المستوى الإجتماعي يحتل المنصب والمكانة المجتمعية مساحة واسعة من تفكير الأغلبية لإرتباطها بشعور الفرد بالتميز وتحقيق الذات ، وعلى المستوى العاطفي والإنفعالي لا أحد يستطيع العيش دون الشعور بالحاجه إلى الإستقرار والأمان النفسي الذي يمكنه من الإنطلاق نحو اهدافه التي يسعى ورائها ، ويرتبط عادة السباق الأكاديمي والمهني بالمستويات المذكورة ، ليصبح رافدا رئيسيا لدعمها وموازيا لها في الأهمية

مقالات ذات صلة

تتفنن المؤسسات التي تعنى ببرامج التنمية البشرية وتطوير الذات في طرح مساقات تدغدغ أحلام العامة ، وفي نظرة متفحصة وانت تتصفح بعض المواقع والكتب ذات الخبرة في هذا الشأن ، تجد إعتماد هذه المواقع على العناوين البراقة الجاذبة للنفوس المليئة بالطموح ، ومن الكتب والمؤلفات المشهورة في هذا المجال ما كتب ديل كارينجي واعتمد فيها على عناوين رنانة مثل ( اكتشف القائد في داخلك – فن القيادة في العمل ، كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس ، كيف تكسب النجاح – التفوق والثروة في حياتك ، فن التعامل مع الناس ، فن الخطابة ، دع القلق وابدأ الحياة ، ….. الخ )

وقد تأثر بكارينجي مجموعة كبيرة من الكتّاب العرب والمسلمين وانتشرت كتب مستوحاة من الفكر الغربي في تطوير الذات ولكن بقالب إسلامي مثل :
كتاب جدد حياتك للشيخ محمد الغزالي ، وكتاب لا تحزن للداعية عائض القرني ، وكتاب استمتع بحياتك للشيخ محمد العريفي ، وهناك مجموعة كبيرة من الكتب الباحثة في التنمية البشرية للدكتور إبراهيم الفقي مثل ( المفاتيح العشرة للنجاح ، سحرالقيادة ، الطريق الى الإمتياز ، أيقظ قدراتك واصنع مستقبلك …. الخ )

وهناك ايضا العديد من ورش العمل والمساقات التي تعنى بشكل خاص بما يسمى بشبكة العلاقات العامة في العمل business networking وتركز على اهميتها في بناء جسور النجاح والتقدم في المجال المهني والعملي والإجتماعي

وللحق إن قراءة هذه الكتب ممتعة جدا وتعمل على إستثارة وتحفيز الإمكانيات والقدرات الكامنة في داخلنا كمخلوقات ميزها الله بالعقل وجعلها في مرتبة أعلى عن باقي مخلوقاته ، وفي هذا شرف كبير لنا يستدعي بذل كل مجهود ممكن لنكون عند حسن ظن الله بنا

لكن ما اريد تسليط الضوء عليه هنا هو أنه وعلى أهمية كل ما تم ذكره آنفا من أساليب وتقنيات مختلفة يلجأ اليها الفرد ليطور من ذاته ومحيطه وعمله وعلاقاته ليصل إلى ما يرنو إليه من غايات وأهداف ، الا أنها لا تخرج عن كونها فقط أخذ بالأسباب ، وهي لا تساوي شئ وليس لها أي قيمة إن لم يكن وراءها قلب متعلق بالله ، قلب يعلم أن لا توفيق ولا نجاح ولا تقدم ولا سعادة ولا تميز الا حين يكون الله في داخله اكبر من أي شئ آخر ، اكبر من نفسه ومهاراته ، واكبر من الناس وعلاقته بهم ، واكبر من الأعمال وقوانينها في الربح والخسارة ، فأحيانا وللأسف تأخذنا العزة بأنفسنا وبما بذلنا من أسباب لنجد في داخلنا مسحة من غرور ، أو بعض إعتراض أو إمتعاض ولو غير مقصود مما اراده الله لنا ، وفي هذا بلاء شديد ندعو الله أن لا يوقعنا به

وهنا قد يقول قائل بأن هناك الكثير من الناس الناجحون في حياتهم والذين لا يحيون بهذه القاعدة ، ومع ذلك تراهم في أوج تقدمهم على جميع الأصعدة او أغلبها ، نعم هذا صحيح وفي ذلك حكمة لله عز وجل نحن لا ندركها لقصور فينا ، ويدخل في ذلك ايضا عدم قدرتنا على معرفة سرائر الخلق ومواطن إحسانهم التي قد نغفل نحن عن رؤيتها ويراها الله خالق الخلق الذي لا تضيع عنده الحقوق ولو كانت مثقال حبة من خردل

نحن لا نرى من النجاح الا مظاهره وشكله الخارجي وهذا هو الجزء المكشوف للجميع منه ، ولكن وبلا شك هناك اجزاء خفية للنجاح لا نستطيع نحن كأفراد محيطين لمن أنعم الله عليه بهذا النجاح رؤيتها أو إدراكها ، أجزاء ربما تقبع في مناطق معتمة او مظلله لا يشعر بها الا صاحبها ، من تعب وكفاح وإجتهاد دؤوب ومتواصل ، ومنها ما قد يكون غير سليم أو مشرف حتى لمن يسلكه ، وهنا العبرة ليست دائما في النهايات ، فهذه بين يدي الله سبحانه يتمها على عباده كيف يشاء

فإذا كنت من أولئك الذين يؤرق مضجعهم هاجس النجاح وهذا شئ جميل ومحبب حتى الى الله سبحانه وتعالى ، فلا تنسى أن تأخذ بالأسباب ولكن إحذر من أن تجعلها همك الأساسي وطريقك الأوحد للوصول ، فمن تعلق قلبه بشئ كالمال والمكانة ، او الناس والعلاقات ، او العمل والمنصب ، او النفس وقدراتها …. الخ ليصل الى طموحه ومبتغاه أوكله الله لما تعلق به ، وفي هذا خسارة كبيرة وإمكانات محدودة ، وغير مضمونة ، وقد يكون فيها دون أن تدري شرك خفي يلحق بك الهلاك في الدنيا والآخرة

قد يصيبك في بعض الأحيان إبتلاء الوهم والضعف ومشاعر الإستسلام أو الغضب التي تستفزك لتستجمع كل قواك ومهاراتك ومعارفك ، ظانا انها السبيل الأقوى والأمثل للنجاح والوصول لما تصبو وتطمح ، لكن تذكر دوما وإياك ان تنسى أن القلب الممتلئ بتقوى الله لا يتسع ولا يرضي عزته وشموخه أي بديل أقل

يا من تروم النجاح وترتجيه … لا تصعر خدك لأحد ، ولا ترخص نفسك أو تذللها لأي كان ، ولا تقلل من قيمة نفسك ، ولا تركن للمسلمات ، بل اطلب العلا من صاحب الفضل الأوحد ، واملأ قلبك ب ( الله أكبر ) من كل شئ ومن أي كان ، لا ترددها فقط بلسانك بل عشها بكل كيانك واستشعر عظمتها في كل خلية من خلاياك ، ثم خذ بالأسباب ، طور نفسك ، اصقل مهاراتك ، تعاون مع الآخرين واستفد من خبراتهم ، فكر وتعلم واعمل واجتهد ، وسوف تصل بإذن الله لأن الله فيك ومعك ،
( الله أكبر ) عمر بها قلبك دائما وابدا ، فهي المفتاح الأوحد للنجاح

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى