المسجد النبوي وقدسية المكان / أ . د يحيا سلامه خريسات

المسجد النبوي وقدسية المكان

كثيرة هي الدلائل على عظمة وقدسية مسجد حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، والمتمثلة في كونه أول مسجد بني في الإسلام وبناه الرسول وصحبه، واتخذ عليه افضل الصلاة والسلام مسكنا له بجواره، حيث تم إيصال دين الله الحق للناس عامة وللمسلمين خاصة من خلال هذا المسجد والحلقات الدينية فيه، وكان أيضا يعد مركزا للتدريب والشورى ومناقشة امور المسلمين، فالمسجد في الإسلام دوره لا يقتصر على الوعظ والإرشاد بل يتسع ليشمل كافة شؤون وقضايا الأمة.
من هذا المكان انطلقت الدعوة وبلغت عنان السماء حيث انتشر الدين في كافة أنحاء المعمورة. إن ما يميز مسجد الحبيب صلى الله عليه وسلم عن غيره من المساجد هو وجود قبره وقبور الخليفتين الراشدين من بعده، ابو بكر وعمر فيه.
الحديث عن الميزة الأخرى لهذا المكان المقدس يطول وهي وجود روضة الحبيب: ” مابين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة”، بالإضافة إلى وجود منبره ضمن حوضه عليه أفضل الصلاة والسلام، والذي يمتد من عدن إلى عمان البلقاء.
هذا الحوض الذي خص به ربنا نبيه بقوله تعالى:”إنا أعطينا الكوثر…” ويعتبر الحوض امتداداً وجزءً من نهر الكوثر الذي منحه الله لرسوله سيد بني آدم في الجنة.
اللهم نسألك شربة ماء من حوض الحبيب لا نظمأ بعدها ابدا.
الجانب الآخر من قدسية المكان وأهميته، وجود البقيع بجواره، وهي مقبرة الصحابه والتابعين، حيث لا أسماء عليها ولا مسميات ولا تواريخ، وارتفاع القبور يكاد لا يذكر ويتساوى مع سطح الأرض تطبيقا لسنة الحبيب عليه افضل الصلاة والسلام.
وجود المسجد النبوي وقبر الحبيب في مدينة الأنصار ودعواته لهم، جعلت من هذا المكان مزارا للمسلمين من شتى أنحاء العالم، يقصدونه للصلاة فيه والتقرب من المولى عزوجل، حيث أن الصلاة فيه تعادل ألف صلاة فيمن سواه.
شهد هذا المكان إهتماما كبيرا من خلفاء المسلمين على مختلف العصور والحقب، وقد كان هذا الاهتمام مرتبطا ومتزامنا بالإهتمام ببيت الله الحرام في مكة، لإستيعاب العدد المتزايد من الزوار، حيث مر بفترات مختلفة ومتعاقبة لتوسعته كانت آخرها وأكبرها في عهد الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله، لتصل سعته إلى ما يقارب سبعمائة الف حاج ومعتمر.
طيبة المكان وأهله انعكست على جميع من سكن هذه البقعة الطيبة، وأورد هنا قصة مؤثرة حصلت معي شخصيا خلال زيارتي الأخيرة لهذا المكان الطاهر، حيث كتبت منشورا صغيرا ومن خلال صفحتي الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي أنني متواجد في زيارة لمسجد الحبيب صلى الله عليه وسلم، وسرعان ما تواصل معي احد ساكني هذه المدينة والمولود فيها، حيث علمت منه انه درس في جامعتي، علما بأنني لم ادرسه ولم اصادفه ولكنه يعرفني من خلال عملي الإداري في الجامعه، حيث أصر على استضافتي في بيت ذويه وقضيت أجمل اللحظات النقاشية مع والده الذي أمضى 45 عاما في خدمة هذا البلد الطيب والذي مازال يعمل رغم تقدم عمره.

انها دعوات الحبيب للأنصار والتي توازي وتكافئ دعوات خليل الرحمن عليه السلام لسكان مسقط رأس المهاجرين.
حفظ الله بلاد الحرمين

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى