الماكينة / ميس داغر

الماكينة / ميس داغر

الماكينة التي تلقّفتني من بطن أمي، وعجنتني وشكّلتني، ثمّ أجلستني على كرسيّ المَلك وأقنعتني أنّي قائدُ نفسي، من أنا لأكتب قصّتي معها؟
أنا الكائنُ المجهريّ، الذي يتحرك في فضاء غُبارها إذ تدور عجلتها فتطحنُ وتعيد قولبة كلّ من يولد في عهدها، من أنا لأفكّر أساساً في كتابة قصّتها؟
من أنا، المتدثّرُ بخوفي وضعفي، كي أجرؤ على الهمس للماكينة بأني سأكتبُ قصّتها؟ ومن أنا كي أحتملَ ذنب أن أكتب قصةً قد لا تستسيغها ذائقتُها؟
من أكون، أنا الكائنُ الذي لا يُدرَكُ منفردا، كي يحدوني طموحٌ بأن أكتب يوماً قصة الماكينة التي جبلتني إلى ما أنا عليه، ويراودني حلمٌ بأن تصل قصتي إلى مستقبلٍ قد ينبثقُ يوماً بعد فناء عالمي أنا والماكينة؟
**********
*******
***
اُقِرّ، أنا الذي لا تعريف لذاتي إلا كمُنتَجٍ لمضخاتها ومجففاتها ومحرّكاتها ومكابسها، أنّ نفسي استسهلت ارتكاب خيانة التلميح بكتابة قصةٍ قد تُفهم على نحوٍ خاطىء، عن الماكينة التي فضلُها فوق رأسي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى