الكْونّت “عِيّـــــد أبْو الحَــاجْ” و حَركَات الإصّلاح الحُكومّي “العُثمَانية ” / فداء العبادي

سواليف

الكْونّت “عِيّـــــد أبْو الحَــاجْ” و حَركَات الإصّلاح الحُكومّي “العُثمَانية ”
فداء العبادي

كتب السلطان عبد الحميد الثاني في كتابة }مذكراتي السياسية { :
“الشيء الذي يقودنا الى الهاوية أكثر من غيره , هو مؤامرات الدول الكبرى , لقد صرفنا الملايين للقضاء على المؤامرات ; كان الاجدر بها أن تصرف على مشاريع حيوية نستفيد منها,كما صرفنا جّل اوقاتنا وطاقاتنا دون جدوى ,فلم يبقى لنا شيء ندخرة لغدنا ,ولو اعترفت لنا هذة الدول بعشر سنوات من الاستقرار , لحظيت دولتنا بالتطور الذي حظيت به اليابان , فاليابانيون بعيدون عن مخالب أوروبا ,يعيشون في أمان واطمئنان , أما نحن فقد نصبنا خيامنا على ملتقى الطرق بين الوحوش الاوروبية الكاسرة ” .
– يبدو أن خليفة المسلمين الثاني بعد المائة (عبد الحميد الثاني) , أدرك في مذكراته السياسية ماذا يعني ” أن تتغول الدول الاوربية في البلاد ,وكيف أن النهوض بالدولة ونجاح الحركات الاصلاحية فيها , يبدأ من مشاريع حيوية بعيداً عن أي تدخل أجنبي قد يضر بالمصالح الوطنية, فتزايد الامتيازات الاوروبية في الدولة العثمانية كان اهم سبب لفشل حركات الاصلاح ” وهذا تماما ما سعى إليه (الكونت أبو الحاج ) حين قرر الإستثمار في وطنه وقد كان قادرأ على الاستثمار في أي دولة اخرى .
هو ابن البلد في انتمائة ووطنيته وطموحة الذي لا سقف له, فلا مناسبة وطنية او فعالية رسمية وشعبية إلا حاضراً في مقدمتها , مناصراً, داعماً ,متفانياً ومهنئاً. حتمأ يليق به لقب ” الكـــونت ” على الرغم من انه لم يكن يدرك حين أطلق مشروعه الاستثماري الوطني (التاكسي المميز) أن معضلته ليست ” الحرب مع امبراطورية التاكسي الاصفر ” كما كان يتوقع . على العكس تماماً , فالإنسجام ما بين مجموعة المميز والاصفر كان يفوق التصور, بالرغم من اطلاقة اسطول متكامل من ( مكتب اصفر وسيارات الهايبرد و الكهرباء وسيارات مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة ) الا انه لم يكن عائقاً أمام (امبراطورية التاكسي الاصفر ) سواء في عروضة التخفيضية في الاعياد والمناسبات ولطلاب الجامعات,كما الماء الزلال لم يشعروا معه بسلب الأرزاق .
إنما تبدا معضلة هذا “الكونــــت ” الاقتصادي الشاب , مع الحركات الاصلاحية غير الناجحة للحكومة , وفي مقدمتها منح ترخيص تطبيقات الشركات متعددة الجنسية ( كريم و أوبر) .
فما ذنب هذا الرجل الوطني المستثمر في بلده بتناقضات الحكومة , ففي حين كانت تركز على دعم الاستثمار الوطني وتشجيعه , باتت تستقطب استثمارات خارجية بإمتيازات تؤثر سلباً على المستثمر الاردني .
– الكونت “عيــد أبو الحاج ” , الذي وقع عقود استثمارية بالملايين , ناهيك عن النصف مليون دينار الذي يدفعه سنويا “لإمانة عمان “تحت بند (منع المنافسه وحماية استثمارة ), إلا أنها اخّلت بالبند وحولته الى ( تشجيع المنافسة وجلب الاستثمارالخارجي ) متمثلاً بشركات (اوبر وكريم ). بالاضافة الى ذلك , فقد قام بتحديث اسطوله بالكامل بما يتجاوز 15 مليون دينار , ولا ننسى رسوم الترخيص التي تتجاوز ايضاً 200 الف دينار , بما في ذلك 1200 دينار بدل استثمار وترخيص عن كل سيارة يمتلكها .
فمن سيحمي هذا المستثمر من القرار الحكومي بتغول شركات (اوبر –كريم )؟
ومن سيسترد حقه ؟
هذا الرجل وطني الانتماء, حين طالب بحماية استثماره من خلال مسيرة سلمية لوقف تطبيقات كريم واوبر, تم إيقافه بتهمه التحريض على الاعتصام ضد الحكومة , وحين تم الافراج عنه بكفاله مالية, عاد ليتكفل كل من تم إيقافة معه من سائقي العمومي (الاصفر) وعلى حسابه الشخصي. ليس هذا وحسب, بل انه قام بتوكيل محامٍ في قضية ترخيص الحكومة لتطبيقات (اوبر وكريم ) من نفقته الخاصة . هذا ليس كل شيء , فهنالك الكثير عن هذا الرجل الذي (لا ذنب له سوى استثماره في بلده ) .
وحتى لا ننسى :
هذا الكونت ” عـــيد أبو الحاج ” كان قد شكل قفزة استثمارية و أول صفقة إنتقال ملكية من استثمار غير أردني (مشروع التاكسي المميز ) , الى أستثمار أردني بالكامل مع الاسم التجاري للشركة, لملكية مجموعة ابو الحاج الاستثمارية .

يبقى السؤال للحكومة : “هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى