الكرامة لها طعم خاص / عمر عياصرة

الكرامة لها طعم خاص

دعيت لإلقاء محاضرة عن معركة الكرامة في احدى المؤسسات التعليمية، جالت في خاطري وانا في طريقي لموقع الحفل كثير من الافكار التي سألقيها امام الحضور، فرتبت ذهني بعناية، لكني فوجئت بمنظمي المحاضرة، انهم أرادوها نقاشا عاما مع الحضور واغلبهم من الطلبة.
سألني احدهم: لماذا نهتم بمعركة الكرامة ونحتفي بها كل عام دون غيرها؟ لماذا لم نوثق معركة باب الواد او اللطرون، او معارك اسوار القدس في 1948؟
كان سؤالا جيدا، يحتاج الى بديهة خاصة، فكانت الاجابة، ان معركة الكرامة جاءت بعد هزيمة 1967، اعادت الاعتبار للعيون ان تنظر للصهاينة مجددا بلون الحمرة بعد الانكسار.
لا يمكن تخيل حالة الناس والجيش بعد نكسة حزيران، خسائرنا فادحة في الارض ( القدس والضفة والجولان وسيناء) والمعنويات، المزاج محبط، العيون منكسرة، اوهام البون الواسع بيننا وبين عدونا تتعاظم بشكل قاسي وعنيد.
هنا تأتي الكرامة، معركة صغيرة بحجم الملحمة، ترمم كل شيء، الشرعية، المعنويات، المستقبل الممكن، التحرير، التكاتف، الممكن والمعقول، نعم كانت معركة بحجم الانعاش الناجح الذي يعيد الحياة لمصاب جلل.
من هنا كانت الكرامة مختلفة، دخلت التاريخ الاردني، واخترقت الوطنية المحلية بامتياز، أبدت المنازلة الممكنة بين اصحاب الحق والغاصب المتغطرس.
قلت لهم، حين نحتفل بالكرامة، ونتذكرها من خلال سياقاتها، سندرك اننا نملك عينا غير منكسرة، حمراء قانية، متغلبة على الظرف والمعطيات، تستطيع ان تواجه وتناكف وتحترم دماء الشهداء.
في معركة الكرامة دروس كثيرة، منها تفاهم الساعدين الاردني والفلسطيني في مواجهة العدو وهزيمته، ولعلنا احوج ما نكون اليوم (نحن والفلسطيني) لمعركة كرامة اخرى تقاوم التنازلات والضغوط، فاستعادة الممكن ممكن وتجريب الكجرب حكمة وحنكة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى