القراءة بين الأمس والحاضر / عبدالله وشاح

القراءة بين الأمس والحاضر
اذكر في ايام الطفولة كان لدينا حصة مطالعة اسبوعياً في المدرسة، واذكر كذلك خلال ايام عطلة الربيع كنَا نشترك في مكتبة صويلح العامة لقراءة الالغاز وحكايات ماجد، وكنا ننتظر وصول مجلة العربي شهرياً للاطلاع على العادات والتقاليد والاحداث التي تدور حولنا، وكذلك لحل الكلمات المتقاطعة في ساعات المساء بقلم رصاص حتى “تلف” المجلة على أكبر عدد ممكن من العائلة.
وفي مرحلة متقدمة وبعد تحسن الاوضاع الاقتصادية، أصبحنا نشتري الكتب ونتبادلها مع زملاء واصدقاء اخرين، وكذلك لدينا اشتراك سنوي في الجريدة اليومية، ننظر من خلالها على اخبار العالم، وعلى اراء كتَاب -او اراء غيرهم ولكن بقلمهم – اثَروا فعلاً بالرأي العام، وبعد ذلك أصبح لدينا مكتبات خاصة مصغرة داخل منازلنا وعلى رفوف المنزل متناثرة هنا وهناك.
ما ترعرعنا عليه من حب للقراءة والمطالعة، لا اجده اليوم لدى ابنائي وابناء هذا الجيل، فقد اثرت الوسائل التقنية الحديثة على سلوكهم للحصول على المعلومة، فبدلاً من البحث في المكتبة لعشرات الساعات، وفي العشرات من المراجع للحصول على معلومة صحيحة، بات اليوم من السهل الحصول عليها من خلال “العم جوجل” وخلال دقائق معدودة.
وهذا ما ينطبق كذلك على الخبر، فبعض الأخبار الاقليمية لم تكن تصلنا الا بعد يوم او يومين في أفضل تقدير، اما الأخبار المحلية؛ ما يتم تغييبه عن الرأي العام قد لا يدري به أحد على الاطلاق، الا ان اليوم فعلاً: أصبح العالم قرية صغيرة بفضل الشبكة العنكبوتية والتطور السريع في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي.
ومثال هذه المقارنات ما حصل في مدينة حماة عام 1982، عندما شنَت الحكومة السورية بقيادة رفعت الأسد حرب ابادة لأبناء المدينة، لم يحصل خلالها العالم على معلومة مؤكدة عما يحصل في الداخل السوري الا بعد مرور ايام عديدة، وانتهاء مجزرة نتج عنها ارقام متضاربة ايضاً في عدد الوفيات، اما اليوم فنرى صوراً مباشرة لمجزرةٍ اخرى للنظام السوري في حلب، وتصل العالم نداءات استغاثة بالصوت والصورة في ذات اللحظة، وتجوب العالم صور القتل والدمار خلال دقائق من حصولها.
واليوم أصبحنا نقرأ عناوين الاخبار ولا نقرأ محتواها، فقبل ايام قرأت عنوان على “تويتر” لأحد المواقع الالكترونية: ” ارادة ملكية بإلغاء قرارين للحكومة”، حاولت الوصول لتفاصيل الخبر وسألت العديد من الزملاء وأخبروني بعلمهم بالخبر ولكن دون تفاصيل، ودار الحوار التالي بيني وبين أحد الزملاء بعدما سألته عن الخبر:
(قال: اه يا “زلمة” شفت كيف؟! والله بهدله للحكومة.
قلت: ايش همه القرارين؟
قال: والله ما بعرف بس قريت الخبر
قلت: طيب ايش سبب الغاء اجرائي والا …
قال: شو بعرفني، المهم الله يسترنا من الي جاي يا ريِس)، انتهى الحوار.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى