#الفردانية / أحمد المثاني

#الفردانية …

.. يشكل فهم الظاهرة الاجتماعية متطلبا أساسيا لفهم السلوك البشري و العلاقات الاجتماعية الناشئة عنه . و انا اليوم اتحدث عن ظاهرة اجتماعية ، اخترعت لها مصطلح #الفردانية .
الفردانية فيها من الأنانية ، لكن ليست هي . و فيها من الحرية الشخصية ، لكنها ليست هي . و يمكن القول إنها من معطيات الراسمالية و ما بعدها من العولمة و الثورة المعرفية و التسارع في تقدم وسائل المواصلات و الاتصال ..
نظرة الى الماضي ترينا كيف كانت حياتنا الاجتماعية تقوم على أساس التشاركية : في المسكن و المطعم و السفر ..
كانت الاسرة تعيش في بيت واحد ، فيه كبير الاسرة ، الجد و الجدة و الابناء و زوجات الأبناء . . و كان يعرف ببيت العيلة .. انظر اليوم لترى كيف تفرقت الاسرة الى أسر ، و البيت إلى بيوت .. و أصبح للولد غرفة خاصة من المنزل و للبنت غرفة .. و للاطفال غرفة .. و رحم الله زمنا كنا نتقاسم الفراش ..
اليوم اصبح لكل فرد عالمه و مقتنياته و خصوصيته .. و ضاع الابناء بين تعدد الغرف و انفصالها ، و كل فرد مغلق بابه على نفسه . و له هاتفه الخاص و جهاز كمبيوتر خاص .. فغاب التوجيه الاسري . الابن يلتقي اباه مصادفة و البنت لا تجالس أمها و لا تسمع منها نصحا ، او تجربة
” فردانية ” فككت الروابط ، و خسرت دفء الأسرة و لمتها .. باﻻمس كان الهاتف يكفي لحاجات الاسرة جميعها ، و هو في مكان بارز .. و احيانا كان الهاتف يخدم الحارة او الجيرة .. و اصبح الهتف اليوم مكمن الأسرار .. و منفذ الأشرار . و كم من بيت تهدم من ويلاته و معطياته !!
بالأمس كنا نركب الباص ، و كنا نسلم على الاصحاب و من نشاركه المقعد ، و كنا نطوي السفر ، و الملل بتبادل الحديث و نكسب اصحابا عابرين ، ينزل كل منهم الى محطته و مبتغاه .. و لا ننسى نوادر الركاب و، الكنترول .. و كان الذهاب الى عمان رحلة شاقة .. لكنها ممتعة !!
أنظر اليوم #الفردانية .. في المواصلات .. كل فرد في الأسرة له او يريد امتلاك سيارة خاصة .. لا يشاركه فيها أحد .. و انظر الى سيارات تتوجه الى عمان ، مثلا ، ليس فيها إلا السائق !!
في الاكل ، كانت الاسرة تجتمع ظهرا او مساء على وجبة رئيسة ، و يدور حديث و تبادل للراي و بحث في شؤون الأسرة .. اليوم الفردانية .. كل فرد يريد ” وجبة ” و قلما تجتمع الاسرة على طبق . و انظر كيف تجد كل واحد يأكل بزمن مختلف . و يفتح الفرد السفط و ياكل وحده .. – آسف- كما تأكل القطط ..
قد يقول قائل : هذا زمن البحبوحة و الغنى ، و أنتم عشتم زمن الحاجة .. و قصر ذات اليد . و اليوم نستمتع بالقصور ، و الاكل الشهي بأسمائه الجديدة
اقول هذا صحيح أن الناس كبرت دورهم و قصورهم ، و امتلات بالمال جيوبهم .. و لكن و للأسف خسرنا الحب و الدفء و كثيرا من الأمومة و الابوة .. و أصبحنا نعيش ” صقيع” #الفردانية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى