الفتاوى القاهرة في زواج القاصر(ة)!!!

الفتاوى القاهرة في زواج القاصر(ة)!!!
د . ناصر نايف البزور
تعقيباً على فتح باب زواج القاصرات و مِن باب الانحطاط و المفاسد الفقهية و الفكرية فقد نبدأ نسمع في برامج الفتاوى على الهواء مثل هذه الاتصالات:
يا شيخ أنا طالب في الصف التاسع “ج” في مدرسة حكومية في الرمثا؛ فهل يجوز لي الزواج من طالبة في الصف الثامن “أ” في مدرسة خاصة في دابوق …. 🙂
فيكون جواب الشيخ: يجوز يا “عمّوه” عند جمهور العلماء… لكنّه لا يجوز عند الأحناف و في قولٍ للإمام أحمد لاشتراطهم “الكفاءة” بين الزوجين حتّى يصحّ عقد النكاح… و القصية خلافية بين العلماء 🙂
و كما تعلم يا “عمّوه” فهناك فرق كبير في الكفاءة العقلية بين طلاّب صفوف “ج” و طلاّب صفوف “أ” و كذلك بين مستوى المدارس الخاصة و الحكومية مادياً و معرفياً… و كذلك بين الرماثنة و الدابوقيات … 🙂 روح دوٍّرلك على وحدة رمثاوية… “جيماوية”… حكومية يا بُنيّ… فالقرشيّة لا ينكحها إلاّ قُرشي… فما بالك بالدابوقية بنت شعبة “أ” 🙂

لا يخفى على أحدنا أنَّ إسلامنا العظيم يتميّز بمرونة و ديناميكية منقطعة النظير في تكييف معظم أحكامه الشرعية لتتناسب مع اختلاف المكان … و اختلاف الزمان… و اختلاف الإنسان… 🙂
و ليس هذا مقام إثبات عالمية و شمول الشريعة الإسلامية… بل يكفي أن نذكر كيف عطَّل الخليفة الفاروق تطبيق حدَّ قطع يد السارق في عام الرمادة بسبب الجوع و العوز… و كيف عطّل الفاروق و ألغى سهم الزكاة للمؤلفة قلوبهم…. مع أنّ هذه الأحكام ثابتة بالنصوص القاطعة و بالإجماع؛ لكنّ عمر رضي الله عنه اجتهد فيها لتحقيق مقاصد الشريعة العليا…. 🙁
فزواج القاصرات في زماننا هذا هو انتحار اجتماعي و جماعي… نحن نعلم أنّ البعض سيقول لنا: “أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها تزوّجت و هي بين التاسعة و الثالثة عشرة” بحسب اختلاف الروايات… 🙁 و لكنّنا نقول له أنّنا نعلم أنّ ذلك لم يكن الأصل بل هو الإستثناء… 🙁
و نعلم أنّ البعض سيحاججنا و يقول: “الكثير من جدّاتنا و بعض أمّهاتنا تزوجن و هنَّ قاصرت” 🙁 لكنّنا نفول له إنّ ذلك كان في ظروف اجتماعية و نفسية و اقتصادية و فكرية بل و جسدية مختلفة تماماً عن زماننا هذا…. 🙁 و قد نجحت بعض تلك الزيجات و فشل الكثير منها سرّاً و علانيةً… و المخفي أعظم… 🙁
لذلك فإنّ مُجرّد فتح باب زواج القاصرات حتّى لو كان مشروطاً بموافقة القاضي ستكون عواقبه وخيمة و سيفتح أبواب جهنّم على فتياتنا و فتياننا طلاقاً و عراكاً و انفلاتاً و همالةً… 🙁
و نحن نعلم القاعدة الأصولية التي تقول: درء المفاسِد مُقدّم على جلب المنافع… 🙁 فإن كان في زواج القاصرات بعض المنافع الحقيقية (و أنا أنفي ذلك يقيناً) ، فهناك ملايين المفاسد التي تتنافى مع جوهر المقاصد الأساسية للشريعة… 🙂
و الله أعلم و أحكم

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى