” الفارض ” الملثــّم

مقال الخميس 19-10-2017
النص الأصلي
” الفارض ” الملثــّم
يقال أن نقشاً فرعونياً قديماً أظهر صورة “توت عنخ مون” يمسك ذئباً من ذيله ويجرّه بكبرياء المنتصر ، حيث خُلّد هذا المشهد بنقش تاريخي وجد على أحد الجدران الفرعونية القديمة لتؤرخ قوة ودهاء “توت عنخ مون” الذي استطاع أن يحضر الذئب المعروف عنه بالقوة والمراوغة والمكر بطريقه استخفافية ساخرة حيث حمله من “ذيله” كما يُحمل الجرذ..ثم ذهبت الصورة مثلاً لمن يعمل عملا “فاقساً” معتبراً إياه بأنه عمل مهم فيقال عنه: “جاب الذيب من ذيله”..
**
شخصياً أدعو النحّاتين الأردنيين أيضاَ أن يرسموا جدارية على نفق الدوار الرابع يظهرون بها صورة رئيس الوزراء ملثماً وهو يمسك التاجر المتهرّب من الضريبة من “بطاريته” – عدم المؤاخذة – لتؤرخ هذه الجدارية قوة ودهاء الرئيس الذي استطاع ان يكشف التهرب الضريبي الكامل في البلد من “ذيله” أيضاَ…
فقد قرر الدكتور الملقي ان لا يكون الفارس الملثّم بل “الفارض” الملثم- فارض الرسوم والضرائب- فتوجّه متخفياً “بشماغ ونظارات شمسية ” ونزل الى وسط البلد ليكشف المتهربين من تجار قطع غيار السيارات ..وكانت الصدمة الكبرى فقد داهم الرئيسُ التاجرَ – على طريقة شارلك هولمز- وقد أمسكه بالجرم المشهود..وتوعّده بالعقوبة ثم “اشترى البطارية” وروّح..
أنا حزين جداً من المشهد الدرامي سيء السيناريو والتنفيذ..حزين لأن “الشماغ” الذي كان في زمن ماض إعلان عن هوية واعتزاز بالشخصية..صار وسيلة للتخفّي والتنكّر..وحزين لأنني كنت أتمنى أن يتخفّى الرئيس ويقف قرب من يلتقطون رزقهم من الحاويات في وسط البلد ويسألهم ..كيف يعيشون؟ ماذا يأكلون؟ من أين دخلهم؟ ماذا يحتاجون؟؟..كنت أتمنى من “الفارض الملثّم” ان يقف على أبواب المدارس الحكومية ليرى ماذا يرتدي طلاب المدارس بأقدامهم؟ ماذا يدرسون ؟ ..بماذا يحلمون؟..كنت أتمنى من الفارض الملثّم ..ان يمرّ على المستشفيات الحكومية ويرى الأنين والوجع وطوابير الألم التي تنتظر الأردني شهوراً طويلة حتى يحصل على موعدٍ مع طبيب أو صورة طارئة..
أخيراً كنت أتمنى من الرئيس أن يتخفّى ويجلس مع نادي رؤساء الوزراء، والوزراء السابقين والباشوات و المتنفذين وأصحاب السطوة والحظوة..ويسألهم.. كم منهم يقدّم إقراره الضريبي كما يفعل المواطن العادي ؟ كم منهم يفصح للدولة عن دخله واستثماراته وارباحه الحقيقية؟؟ كم منهم يورد للخزينة مستحقاتها فلا يراوغ ولا يزوّر ولا يتهرّب…
كنت أتمنى من الرئيس أن تتخفى ويرى بعينيه..كيف أصبح الناس يرون الوطن بأعينهم؟؟.

لا حاجة للتخفّي يا دولة الرئيس..في زمن الانفضاح!.
كلكم مكشوفون ومكشوفون جداً..
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. لا توجد ثقة بين الحكومة والشعب لقد تحولت الثقة الى صراع بقاء وكله انكشف خلص مافي داعي للتمثيل خلينا نستعين بخبراء كوريين مشان يحلو مشاكلنا

  2. لا أدري لماذا تخفى دولة الرئيس اذا كان لا ينوي النزول بنفسه لاكتشاف التهرب العظيم؟ فإذا كان ينوي أن يجعل ابنه حفظه الله ورعاه يشارك في هذا الفتح العظيم وبقاء دولته أطال الله عمره وعمر حكومته الرشيدة فما كان عليه أن يتخفى .
    حمى الله الأردن.

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى