الصامولة / يوسف غيشان

الصامولة
في واحدة من قصص أنطون تشيخوف الرائعة ، يعجز الفلاّح عن إدراك الأذى الكبير الذي تسبب به وأدّى إلى مقتل و جرح عدد كبير من المواطنين ، وذلك بسبب فك واختلاس صامولة تربط قضبان سكة الحديد ببعضها ، ممّا أدّى إلى حادث سير مروّع .
كان المحقق يسأل الفلاح الذي لم ينكر التهمة ولم يعتبرها سرقة ، بل هي مجرّد حاجة للصامولة لاستخدامها كـ( ثقالة ) خلال صيد السمك بالسنارة ، وكان الفلاح يؤكد أنّه ليس لديه أيّ بديل عن الصامولة ، فالمواد الأخرى ، كالدود أو الحصى أو حتى قطعة حديد أو أي شيء لا يحلّ محل كفاءة الصامولة .
كان الضابط يحاول أن يشعر الفلاح بالذنب ، لكنّ الفلاح لم يكن لديه أدنى شك بأن : لا علاقة له مباشرة بالمذبحة التي حصلت ، فقد حصل على الصامولة التي يحتاجها لأنها أفضل من غيرها في عملية الصيد بالسنارة .. وكفى !!
التاريخ يكرّر نفسه مرتين – على رأي المرحوم كارل ماركس – لذلك أنظرُ معكم إلى هذا الانفاق الحكومي الترفي في دولة تحتاج إلى استخدام القرش على الوجهين .
وأنظرُ معكم – بحسن نيّة لغايات التغيير فقط – إلى محدوديّة التفكير والإدراك الحقيقي لمحدوديّة الاقتصاد الأردني ، واستحالة حصول المعجزات التي ولّى عهدها أصلا .
أنظر معكم ومثلكم – بحسن نية مصطنع- وأكاد أعتقد أن فلاح تشيخوف بعينه هو الذي يضع الخطط الاستراتيجية للحكومات الأردنية .
من كتابي(لماذا تركت الحمار وحيدا)الصادر عام2008

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى