الرجل المناسب / يوسف غيشان

الرجل المناسب
يوسف غيشان
إن لم تخدعني الذاكرة ، وهي غالبا ما تفعل ذلك – فقد حصل الأمر عام 1972 خلال انتخابات ” الاتحاد الوطني الأردني” ، وهو شيء خُطّط له لكي يكون مشابهاً للبرلمان .. كانت الانتخابات تجري على نظام القائمة النسبية ، الذي يروّجون له حالياً من أجل نظام انتخابي ديمقراطي وعصري .
وكان مرشحو القوائم يجوبون القرى والبوادي الأردنية بحثا عن قوائم أخرى ليتحالفوا معها على قاعدة (حلّق لي حتى أحلّق لك) ، والمقصود أن : ارسم دائرة حول اسم قائمتي في ورقة الترشيح وأنا سأرسم دائرة حول اسم قائمتك في ورقتي .. بمعنى آخر : انتخب قائمتي وأنا انتخب قائمتك .
طبعا حصل الكثير من الكذب والتدليس والتهليس بين أبناء القوائم .. ففاز الكثير من الذين كذبوا على عدد أكبر من الناس وأوهموهم بأنهم سوف ينتخبونهم .
ها هو التاريخ يعيد نفسه على شكل مأساة … وها هم الكبار في معظم مراكز الدولة يلعبون بذات الطريقة :
– حلّق لابني في وظيفة المدير العام لهذه الوزارة حتى لو لم يكن كفؤا ، وأنا أحلّق لابنك في تلك الوزارة حتى لو كان طنجيرا .
طبعا ، قد لا يكون الابن .. قد يكون الأخ أو الأخت أو القريب ، أو الشخص الذي تربطه به مصلحة.. لكن النتيجة واحدة .. وهي وضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب .
أثناء الحرب العالمية الثانية تمكن الحلفاء من القبض على عميل لألمانيا وهو موظف كبير في الحكومة البريطانية .. لكنهم لم يعرفوا كيف كان يسرّب الأسرار .. إذ لم يكن يمتلك أسراراً عسكرية ولا حتى مدنية .. وكانت وظيفته تقتصر على اختيار الموظفين الحكوميين .
وبعد التحقيق الشديد معه تبين أنّ مهمته كانت فقط تقتصر على وضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى