الراعي خلف يتعلم الحلاقة والحجامة!! 2 / د . ماجد الزبيدي

الراعي خلف يتعلم الحلاقة والحجامة!!
سحب الناس بقية مواشيهم من الراعي خلف وباعوها في سوق الحلال بعدما تناقصت بسبب لصوص الدواب الذين كانوا يستغلون لهو الراعي مع بدويات وقرويات ،خاصة “الغجريات” اللواتي يضعن اسنان ذهب ولهنَ غرة يتلاعب بها الهواء،ويأخذن بالغنج ومضغ العلكة ،فيسيل لعاب خلف وسعابيلة بكثافة أكثر من صنابير المياه في “معسكر كردفان” في أشهر الصيف!!
وقد كان ولدنا المهندس الكهربائي”كحلون ابو بسمة” أكثر الخاسرين من اصحاب المواشي،كما اسلفنا في الحلقة السابقة،بسبب تقمصه لقيروس القبيلة في حب تربية المواشي!
لم يعد لدى الراعي خلف من عمل سوى ان “يسرح”مع بضعة “بعارين”،تعود ملكيتها لأعمامه واخواله،إلى أن حدث مالم يكن بالحسبان!!عندما حضرت العانس “رهيجة العقلة” مُتزينة ومُتعطرة ذات عصر احد الأيام،بينما كان خلف يعزف على الشبَابة(الناي) ،فأخذت النصَابة تغنج له هذة المرة بوتيرة بطيئة، بينما لف النصاب شريكها الحرامي من جهة الوادي ،وأخذ بذبح أحد البعارين ،ويقطع لحمه أولا بأول في أكياس ويدسَه في أكياس بلاستيكية ثم يُلقي بها في ” البيك اب” الذي أخفاه تحت شحرة وارفة الظلال والأغصان،إلى أن إنتهى اللص من جريمته،في الوقت الذي كاد خلف أن ينتهي من كثرة السعابيل المنهمرة من منافذ عدة من جسده وبواباته،الأمر الذي جعل عمه “فالح الفلاح البايض الوطاويطي”يسحب البعارين الباقبة ويبيعها هي الأخرى في سوق الحلال!!
بات ابو السعابيل ،أو،خلف، “عطَال بطَال”،وهو الذي يحرق يوميا بين سبعين الى تسعين سيجارة،و”يلطع”سبع “برقان” شاي وقهوة ،وأخذ يتردد مع أمثاله من فاقدي الأهلية التعليمية والوظيفية على مضافات سماسرة الإنتخابات وتجارها،من الذين لم يصمدوا في مهنة او مدرسة ،وجلهم يسهرون للفجر ويواصلون الليل بالنهار ينشرون صورهم وقلَايات البندورة المحروقة وجلسات الأرجيلة في فضاء “الفص بوك”،في حين ان معظم تعليقاتهم تدور بين مصطلحات مثل:”منوَر”و”كبَارة”وشيخ”و”تقبل الله الطاعات”و”إبشر بالفزعة”!!وماشابه ذلك من مصطلحات الأميين وأشباه الأميين ، الذين تصطك بهم شوارعنا !!
تعلم ولدنا خلف كيف يناور في جمع بطاقات الأحوال المدنية من العاطلين عن العمل وفارغي الجيوب من الجنسين ،وأتقن فن التفاوض بشأنها مع مرشحي الإنتخابات الذين يتكاثرون مع كل دورة تكاثرا جرثوميا،وجلهم يعوزه إتمام جملة مفيدة بالعربية تامة المعنى من مفعول او مفعولين!!وبعضهم الآخر يحسب ان الحرب في اليمن هي بين “جماعة الحوثي” و”حركة أنصار الله”،وبعضهم الآخر يظن ان “أفيغدور ليبرمان” هو نادي رياضي في “عسقلان”المحتلة!!وبعضهم الآخر “نازل جقر” من اجل كسر خشم ابن خاله او ابن عمه!!
لم تدم حال خلف الجديدة طويلا لكثرة أعداد سماسرة الإنتخابات وتجارها ونصابيها،فقرر الرجل ان يتعلم الحلاقة والحجامة معا ،على ان يبتدىء بالأولى،مُتدربا عند صاحب “صالون الإناقة للرجال” السيد
جمعة ابو خوخة” بعد وساطة من المختار “ابو اسماعيل” الذي تراقب عيناه كل شاردة وواردة في القرية،ويكتب التقارير يوميا بعباد الله !
كان إستيعاب خلف لأساسيات المهنة الجديدة واحد او اثنين في المئة في الأسبوع الثاني!!بسبب شروده العقلي والبصري،سيما إذا مرت من امام الصالون بدوية او قروية او إحدى قريبات “فخرية”او”زهرية” او “رهيجة”،فتأخذ اصابيعه ترتجف ويرتجف معها المقص!وتبدأ سعابيله تنهمر!!ثم يأخذ بعضً شفتيه مع ترديده مصطلح”آخ.. آخ”عدة مرات دون شعور منه!!
بعد شهر من التدريب والملاحظة ،جاء زمن التطبيق العملي على الحلاقة من خلال البدء برؤوس الأطفال،فبدأ خلف برأس ولد الطوبرجي “شحادة ابو قنوة”المعروف لدى معظم اهل “معسكر كردفان” بعصبيته وبلطجيته،إذ ضرب مرة راس شيخ جامع منطقته ببلوكة مقاس 15،وشق مرة أخرى جبهة وجه صاحب دكانة”التسامح” في حارتهم ، بموس كباس،وقضايا أخرى من شأن ذكرها ان القارىء الكريم سيستنكف عن القراءة إن قراها!!
وبيمنا اخذ المتدرب خلف يحلق للقاروط خميس ولد شحادة ابو قنوة ،مرت لسخرية القدر،”فخرية”ماغيرها ،اخت “زهرية”ماغيرها ، وهي معروفة بجمالها وبغرتها الصفراء الناعمة وبسنيها الذهبين،فلوحت بيمينها مع طعجة من رأسها رافقها نصف غمزة من عينها اليسرى،مع ربع عضة على شفتها السفلى بإتجاه ولدنا خلف ابو السعابيل،فحصل مالم يكن بالحسبان أبدا!!
جن جنون خلف لما رأى فخرية وحركاتها المقصودة تجاهه،ومن دون شعور او قصد منه ،او نية سابقة،مالت يد خلف القابضة على المقص،وقطعت قطعة صغيرة من طرف الأذن اليسرى للمأسوف على جماله القاروط خميس ولد الطوبرجي شحادة!!
سال دم القاروط بغزارة على مريول الحلاقة وعلى قميصه ثم صرخ القاروط لمَا رأى الدم بعينيه ووقع من على الكرسي وإفترش الأرض فاتحا ذراعيه على المدى في هيئة إنبطاح كلي،ثم ذهب القاروط من رويته للدم في إغماءة طويلة!!الأمر الذي حدا بصاحب الصالون ابو خوخة ان يولًي الدبر ،إستباقا لمجيء ابو قنوة ، ملعون الحرسي!!!وهو الأمر نفسه الذي جعل خلف يركب أول باص بإتجاه مدينة “إربد” ومنها لكراج باصات الغور بإتجاه”خربة ابو كبش” التي تقع بعد “خربة الوادي المحروق”!!!

(الحلقة الثالثة:خلف يمتهن الزراعة في “خربة ابو كبش”في جورة الإنهدام،ويغيَر من شكله هربا من الطوبرجي ابو قنوة)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى