الحكومة والمسؤولية عن أحداث الرابع / د. نبيل الكوفحي

الحكومة والمسؤولية عن أحداث الرابع
د نبيل الكوفحي

يتولى رئيس الحكومة مع مجلس وزرائه بحكم الدستور(المادة 415/1) المسؤولية العامة عن ادارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية، وهذا النص يشمل غالبية واجبات الدولة: من صحة وتعليم وعمل وخدمات وأمن وغيرها، كما انه يشمل ضمان حقوق المواطنيين السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية وذلك بحكم المادة (131: ﻫﻴﺌﺔ ﺍلوﺯﺭﺍﺀ ﻤﻜﻠﻔﺔ ﺒﺘﻨﻔﻴﺫ ﺍﺤﻜﺎﻡ ﻫﺫﺍ ﺍلدﺴﺘﻭﺭ). أبرز هذه الحقوق السياسية جاءت في الموادالتالية:

ففي المادة (8) : لا يجوز أن يوقف أحد أو يحبس الا وفق أحكام القانون، والمادة (15) /1- تكفل الدولة حرية الرأي ، ولكل اردني ان يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ان لا يتجاوز حدود القانون. 2 – الصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون)، وكذلك المادة (16) 1- للاردنيين حق الاجتماع ضمن حدود القانون. 2- للاردنيين حق تأليف الجمعيات والاحزاب السياسية على ان تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف احكام الدستور. وأخرها المادة (17) 1- للاردنيين الحق في مخاطبة السلطات العامة فيما ينوبهم من امور شخصية او فيما له صلة بالشؤون العامة بالكيفية والشروط التي عينها القانون.

يفسر علماء الفقه الدستوري ان هذه الحقوق الاصولية لا تقيد بقانون، فالعبارة المذيلة لكثير من مواد الدستور ليست للتقييد بل تفيد التنظيم للحفاظ على هذه الحقوق، لذا فان أي نص تشريع دون الدستور يتعارض مع أصل هذه الحقوق باطل، وأية تعليمات أو أوامر شفوية تعارض او تصادر هذه الحقوق تعتبر جريمة يحاسب فاعلها مهما علت درجة مسؤوليته. والمسؤولية القانونية لا تنفصل عن المسؤولية الاخلاقية، فالرئيس مسوؤل عن تصرفات وزرائه والاجهزة التابعة للحكومة، كما تندرج هذه المسؤولية للوزير في وزارته وما دونه من المسؤوليين والموظفين. لقد مرت على الوطن مصائب وفضائح كثيرة خلال السنوات السابقة. لم نشهد غالبا اية استجابات ملموسة باسبثناء استقالة الوزيرين الاخيرة أو اقالتهما. وكل ذلك يشكل اخلالا بمبدأ المسؤولية العامة للرئيس ووزرائه عن الاخطاء والخطايا.

مقالات ذات صلة

حالات التعدي على المواطنين اثناء ممارسة حقوقهم الدستورية أنفة الذكرتتكرر كثيرا، ولم نشهد اية محاسبة لأحد نتيجة تلك التصرفات اللادستورية واللاخلاقية، بل نجد أن من يخططون لذلك ويشرفون على تنفيذه يتقدمون بالوظيفة العامة دون وجه حق. ولم تشكل تقارير المركز الوطني لحقوق الانسان – غير التقارير الدولية الاخرى- أداة ضاغطة على مرتكبي تلك الافعال. وما حصل يوم الخميس الفائت كان مخجلا ومغضبا لكل انسان حر يحترم الانسان وحريته الممنوحة له أصلا من خالقه ( فمتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا).

المقطوعة المهترئة من كثرة التكرار التي يتم استخدامها دائما: العناصر المدسوسة !, لم تعد تقنع احدا، وان كانت خبراتنا من خلال سنوات 2011- 2013 كانت خلاصتها انهم– ان وجدوا- في كثير من الحالات من اصحاب السوابق الجرمية وترعاهم جهات رسمية.

نحن مع استخدام القانون لكل من يريد العبث بأمن الوطن والمواطنين. وكنا ندين كل اشكال العبث والتخريب التي حدثت في بعض الاماكن، وبالتأكيد لم تكن للحراكات السياسية يد فيها، فتاريخها في الاردن يشهد بانها الاحرص على الممتلكات والارواح وحتى نظافة الشوارع وهذا السلوك الحضاري ما شهد وافتخر به الملك في الحراك الذي اسقط حكومة الملقي كما شهد به رئيس الوزراء الحالي. فلم يعد محتملا رؤية الغازات المسيلة للدموع بلا سبب، ناهيك عن الهراوات تنهمر على رؤوس المتظاهرين الذين يمارسون حقوقهم ويدافعون عن غريزتهم بالعيش حياة كريمة.

هب – لا قدر الله- أن وفاة حدثت لمواطن، فبرقبة من سيكون هذا الدم؟ وقد شهدنا عند غيرنا كيف أن الدم لم ينتهي بعد. ان الذين يدفعون قوات الامن – وهم مواطنون- لضرب مواطنين اخوة لهم بلا هوادة يعانون من تدني الشعور الانساني لديهم، وغياب الحس برقابة الذي يعلم السر وأخفى. ولن يقنعوا أحدا لديه ضمير وعقل بمبرراتهم أنهم ليسوا كما في دول مجاورة، فالمواطنين ليسوا عبيدا عند أحد.
نهاية القول ان الرئيس ووزرائه، حتى ان كانوا من غير اصحاب الاختصاص المباشر يتحملون المسؤولية القانونية والاخلاقية عن تصرفات الجهاز الحكومي لديهم، ولنتذكر بانه ( ليس دائما تسلم الجرة) والله من وراء القصد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى