الحكومة والإصلاح الاقتصادي / د . حسين عبيدات

الحكومة والإصلاح الاقتصادي
لست اقتصاديا بحكم التخصص ولكنها مقاربات مع الواقع ، فمنذ أن دخل الاقتصاد الاردني غرفة الانعاش واصبح في عنق الزجاجة لم تجد الحكومات المتتابعة سبيلا لإخراجه الا من جيوب المواطنين.
وسنة بعد سنة وحكومة بعد حكومة والوضع الاقتصادي يزداد سوءا والفساد ينخر عظام الوطن ويتغول على مؤسساته ويصبح المؤسسة الاكبر في الوطن والمديونية في ازدياد إلى أن تضاعفت بشكل فلكي في عهد الحكومة البائدة والمواطن هو الذي يدفع الثمن ومازال رغم ما وصل به الحال من فقر مدقع وبطالة وحال اقتصادية مزرية.
وتوسم الناس خيرا في حكومة الملقي ولكن سرعان ما تبين لهم ان الامور من سيء الى اسوا وان الحديث عن اصلاح اقتصادي هو اكذوبة كبيرة وان مسلسل استهداف المواطن مستمر حتى يتحول الشعب الى طبقة من المتسولين المسحوقين حال كثير من اللاجئين خير من حالهم. فلم نر وعلى مدى سنوات طويلة حكومة واحدة لديها برنامج للاصلاح سوى جيوب المواطنين ولقمة عيشهم.
فمثلا:
1) لم تتشكل حكومة واحدة ليزيد طاقم وزرائها عن 8 الى 10 وزراء وهذا عدد اكثر من كاف لادرة شئون البلد ولا حاجة لنا ل 20 وزارة اخرى موازناتها ومصاريفها ومياوماتها وسياراتها واثاثها وسفرياتها بمئات الملايين. لماذا تكتفي حكومة الولايات المتحدة الامريكية بثمانية أو عشرة وزراء وحكوماتنا لا تقل عن ثلاثين وزيرا. ما حاجتنا الى وزارات للسياحة والثقافة والطاقة والبيئة والشئون القانونية والعدل والعمل وغيرها وغيرها ونحن ليس عندنا سياحة ولا بيئة ولا طاقة ولا عمل ولا ولا… ناهيك أن لدينا هيئات مستقلة بموازات تلك الوزارات وبموازنات فلكية بالمليارات ورواتب فلكية بعقود خاصة لابن فلان وفلان من المواريث الذين لم يبقوا شيئا في الوطن الا وأتوا عليه.
و2) ما حاجتنا إلى مجلس أعيان ونواب وظيفتهم المصادقة على قرارات الحكومة ليس أكثر. أي انها مجرد ديكور. وإذا كان الامر كذلك فيكفي ان يكون في مجلس النواب نائبين عن كل محافظة وعين في مجلس الاعيان عن كل محافظة بالاضافة الى كوتا مناسبة للعدد بحيث لا يزيد أعضاء المجلسين في أحسن الاحوال عن خمسين عضوا وتوفر الحكومة رواتب ومصاريف الاعضاء الاخرين لخزينة الدولة. وهذا من شأنه أن يجمع عشرات وربما مئات الملايين.
و3) لدينا سفارات في دول العالم اكثر من سفارات دول مجموعة الثمانية وباعداد بعثات لا حصر لها. لم نر هذه السفارات تأتينا بالاستثمارات التي يصعب حصرها. سفاراتنا في معظمها لا تخدم مواطنيها وتشكل عبئا كبيرا على خزينة الدولة وبارقام فلكية فلماذا لا يتم تقليصها وبشكل كبير جدا ويكتفى بمكاتب تمثيلية وسفراء غير مقيمين لمجموعات كبيرة من الدول .
و4) السيارات الحكومية المخصصة للفاردات بالافرح والتي تصطف على ابواب المطاعم وفي الجاهات ومحروقاتها من الخزينة وعلى حساب المواطن وكلما جاء رئيس حكومة يستخدم نفس ابرة المخدر انه أصدر تعليمات لملاحقتها ولا صحة لذلك على الاطلاق وطرقات الاردن تشهد على ذلك.
و5) الهيئات المستقلة وما أدراك ما الهيئات المستقلة وموازناتها ورواتبها وازدواجية عملها. والشرح يطول.
و6) أصحاب التهرب الضريبي وهم معروفون لدى الحكومة ومنهم من تبوأ أعلى المناصب في الدولة وأثروا ثراءا فاحشا على حساب البلد ويملكون المصانع والشركات والمؤسسات والمزارع واستثمارات ومرابح بمئات الملايين وعليهم ضرائب بأضعاف ذلك (1,6 مليار قيمة التهرب الضريبي باعتراف دائرة ضريبة الدخل التي ليس لها سلطة الا على الموظفين لأن امورهم مكشوفة) ولم يدفعوا دينارا واحدا ومنها ويكتب على مغلف الكشف الضريبي مجهول العنوان ومحل الاقامة حتى لا تتم ملاحقتهم .
ناهيك عن أصحاب ملفات الفساد التي اغلقت في عهد النسور وفيها حقوق للبلد بمئات الملايين وملفات لم تفتح. هذا فيض من غيض لوكانت حكوماتنا حقيقة تريد الاصلاح.
لكن على رأي المثل “المكتوب يقرأ من عنوانه”. وليس من اصلاح الا اصلاح البنك الدولي ولو عمدت الحكومة الى تنفيذ بعض من تلك البنود لما احتاجت أن تمد يدها الى جيب المواطن وقوته ولما جلسنا نستجدي وننتظر معونات الاخرين. حفظ الله وحمى الاردن .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى