الحكومة تَضِلُّ الطريق؟ / د. قاسم العمرو

الحكومة تَضِلُّ الطريق؟
يبدو أنّ المشهد العام ضبابيٌّ بعد جولات الوزراء في المحافظات بهدف الترويج لقانون الضريبة وبيان أهميته للدولة لإعطائها حسن سلوك لدى الهيئات المانحة، إذ تحاول الحكومة من خلال تشريع قانون الضريبة، إرسال رسالة للمؤسسات الدولية بأن الاردن قادر على الوفاء بالتزاماته و أنّ درجة تصنيفه الإئتمانية، تسمح بذلك وخلاف ذلك فالويل والثبور لنا جميعا وأن القادم سيحمل لنا كل السوء لا قدر الله……فمن هو المسؤول الذي أوصلنا بطريقة حدية الى هذا المستوى من الخيارات؟؟…هل هي الحكومات المتعاقبة؟ أم فشل النواب في الرقابة؟ أم فشل الفريق الاقتصادي الذي ملاْ أصابعنا خواتم وأوهم الناس باللبن والعسل وبقوا يحلمون ليل نهار بغدٍ افضل، والنتيجة كما ترون العودة إلى جيوب الغلابا.

المواطنون عبروا عن رفضهم لإنهم يعلمون جيداً أنهم من سيدفع هذه الضريبة إذ أن المواطن هو الحلقة الأضعف ولا حول له ولا قوة، فالتاجر سيعكسُ الضريبة على السلعة، والطبيب على الكشفية وكذلك جميع القطاعات الأخرى ، بالمقابل لا جديد بالنسبة للمواطن؛ فالرواتب ثابتة والبطالة تزداد معدلاتها، وغياب للمشاريع الانتاجية التي تشغّل الايدي العاملة، مع انتشار المخدرات الذي دمر الشباب وعطل مسيرتهم حتى أصبح المروجون يعملون بوضح النهار دون رادع.

إن ما يحصل مع الوزراء في لقاءاتهم مع المواطنين مؤشر خطير وواضح وهو الرفض لكل سياستها الاقتصادية، وتعاملها مع قضايا الفساد. فما هي توجهاتها وأي طريق ستسلك بعد هذا كله؟؟ فالسير وسط الألغام التي ستنفجر بوجهها كلما خطت خطوة،مما يقلل خياراتها، فما هي الوسيلة الاسهل؟ وما الاحتمالات التي ستحكم توجهاتها في الايام القادمة؟. هل الاستقالة حل؟ ام تعديل وزاري موسع يتخلص الرئيس بموجبه من الحمولة الزائدة ؟ أم تبقى الامور عائمة ويتدخل جلالة الملك ويحسم الامر؟.

مع كل هذه الاحتمالات ربما أسفرت اللقاءات عن تقديم تصورين للوضع:

التصورالاول: سيء يتمثل بالحدية والغضب التي خاطب بها من حضر اللقاءات الحكومية ويقف خلفهم حشود هائلة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، مما يعني ان الحكومة فقدت الحلول واصبحت غير صالحة وهي أقرب الى الرحيل .

والتصورالثاني: أن هناك ثمة رسائل أرادت الحكومة إرسالها لمختلف الاطراف الخارجية والداخلية بحجم صعوبة الاوضاع الاقتصادية، وبالتالي يتم غض الطرف عن القانون والبحث عن بدائل أخرى تبدو اكثر استجابة لمطالب الشارع.

امام هذه الحالة كيف يفكر الدكتور عمرالرزاز؟؟ هل يسير بالقانون الى آخر المشوار ويواجه النواب؟؟ وباعتقادي سيكون موقفهم لا يقل شراسة عن موقف الشارع في رفض القانون، لانهم لن يغامروا بشعبيتهم أمام ناخبيهم هذا من ناحية. أم يعدل عن الفكرة ويلغي فكرة القانون ويمارس سلطته بمحاربة التهرب الضريبي من ناحية ثانية، ويعمل على الفور بتقديم قانون “من أين لك هذا”؟؟. ليُسهل عليه مواجهة (الحيتان) الكبار، وحينها سيتخلص من الكابوس ولعنة الشعب التي تطارد هذا القانون السيء، بل على العكس سيلقى كل التأييد لانه سيُحصّل من الفاسدين مليارات الدولارات الضائعة في جيوب المتهربين والمرتشين والفاسدين، وهنا يستعيد الرئيس هيبة الدولة ويحمي المال العام من التسيب والاستغلال، وسيقف الشارع بكل قواه الى جانب الحكومة لاتخاذ الخطوات المهمة في حذف كل المصاريف والبذخ غير المبرر من سفارات ووزارات وهيئات وسفرات وخلافه.

حكومة أضْلّت الطريق باستهدافها جيب المواطن بمزيد من الضرائب علما بان الأبواب مُشْرعَة أمامها لكسب تأييد الشعب من خلال اجتثاث الفساد.

فالحكومة التي تعمل برضى الشارع وإن أخطأت، أفضل من حكومة تُعاند الشارع دون ان تقدم حلولًا منطقية.

حمى الله الوطن من كل مكروه.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى