الحرب لم تنته في سوریة / ماهر أبو طیر

الحرب لم تنته في سوریة

التیار المؤید للنظام السوري، في سوریة او الأردن، وفي العالم العربي، احتفل مبكرا، بنھایة الفوضى السوریة، ومعھم أولئك الذین لا یحسبون انفسھم على دمشق الرسمیة، لكنھم یعتقدون أیضا، ان الفوضى السوریة، انتھت، وان دمشق حسمت الأمور لصالحھا، بعد سنین من الحرب التي شارك بھا كثیرون، سرا وعلنا.
ربما استعجل ھؤلاء، النھایات، لان الأدلة تثبت ان الفوضى السوریة، التي بدأت ثورة طبیعیة، وتحولت الى فوضى، وحرب إقلیمیة ودولیة، ترید انھاك الدولة السوریة، وارھاقھا، وتدمیر بنیة الشعب السوري، لم تنتھ بعد، واذا كان ھؤلاء یعتقدون ان الحرب انتھت، لان النظام استطاع تطھیر مدن ومواقع كثیرة، فإن التطورات تقول ان الحرب باتت تأخذ شكلا جدیدا، بما یثبت ان اجندة الذین یشنون الحرب لم تنتھ، أی تدفق البنزین الى سوریة، ووقوف مئات الآلاف یومیا، امام محطات الوقود، من اجل تعبئة خزانات سیاراتھم، نقرأ بشكل واضح، ان النیة تتجھ لمعاقبة السوریین، من اجل تثویرھم ضد النظام، على ذات الطریقة التي شھدناھا في العراق، وشھدناھا في غزة، دون ان یأبھ احد لوضع السوریین العادیین في ظل ھذه التطورات السیئة، والتي تعد امتدادا لكل ما یعانیھ السوریون. ھذا یعني ان واشنطن، ودولا أخرى، باتت لدیھا اجندة مختلفة، من حیث الأدوات ضد النظام السوري، یضاف الیھا، ضغط واشنطن من أجل عدم الانفتاح على دمشق الرسمیة، ومواصلة التدخل العسكري الأمیركي والإسرائیلي، ضد النظام السوري، في ظل سكوت وقبول الروس، الذین یصر بعض المراقبین على اعتبارھم حلفاء لدمشق الرسمیة، فیما ھم یسكتون امام كل العملیات العسكریة، ضد سوریة، وضد العقوبات، التي یعانون منھا بطریقة مختلفة، في موسكو، والمؤكد ھنا ان فروقات الحسابات بین الروس والسوریین، واضحة، بسبب العقدة الإیرانیة، والتنافس الإیراني الروسي على المصالح في سوریة، وھذا ملف آخر.
القراءة الإقلیمیة للوضع في سوریة، بشأن ملفات التدخل التركي، من جھة، ووجود جماعات متطرفة، واستمرار تھریب السلاح والمال، لجماعات متشددة، والرعایة للمشروع الكردي في سوریة، تثبت أیضا، ان الملف السوري، لم یتم حسمھ بعد، فما تزال إدارة ھذا الملف تخضع لعنصرین اساسیین، أولھما مواصلة ارھاق السوریین، وثانیھما تحقیق الغایة المرجوة، أي إیقاع الطلاق بین دمشق وطھران، وبدون ھذا الطلاق، لن تتوقف الاجندة الأمیركیة في سوریة، فیما خیارات دمشق الرسمیة، تبدو محدودة ھنا، لاعتبارات كثیرة.
ما یمكن قولھ ھنا، ان الازمة السوریة، لیست في طریقھا للنھایة، كما یظن كثیرون، بل ان اغلب السوریین الذین خرجوا من سوریة الى الأردن وتركیا ولبنان، یرفضون العودة، إدراكا منھم ان ازمة بلادھم تتجدد، ولا تصل الى نھایة، بما یؤشر على توطین فعلي، او إقامة طویلة المدى في دول الجوار، فوق ان النظام السوري، مشغول بإعادة ترسیم الدیموغرافیا، ولا یحض ھؤلاء على العودة، مسببا ازمة مركبة لسوریة، فوق الازمات التي یواجھھا مع دول الإقلیم والعالم.
من المؤسف ھنا ان یقال ان إعادة تأھیل النظام السوري، بمعاییر واشنطن، تكاد ان تكون مستحیلة، كونھا ترتبط بثلاثة ملفات، مصالح إسرائیل، اقدام ایران في المنطقة، التنافس مع الروس، وھذه ھي الملفات الثلاثة الأساسیة، التي تدیر الموقف من النظام السوري، وبدون حسمھا او الوصول الى تسویات بشأنھا سوف تتجدد الازمة في سوریة، بوسائل مختلفة، من تصنیع الجماعات المتطرفة وصولا الى ازمة البنزین.
لا حل امام دمشق الرسمیة، الا واحد من اثنین، أولھما التورط في صفقة لاعادة تأھیل النظام بمعاییر أمیركیة وإسرائیلیة، وبتوافقات إقلیمیة او دولیة، وھذا امر یبدو مستحیلا، على الأقل في ھذا الوقت، او المراھنة على أي تطور في الإقلیم، یعید خلط الأوراق كلیا، بمساعدة من الإیرانیین وحزب الله، والعراق، وجبھات أخرى، وھو تطور محفوف بالخطر أیضا، ولھ كلفتھ الكبیرة.
بدون احد الحلین، ستتواصل الازمة في سوریة، حتى اشعار آخر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى