الحجّامون والحجّابون / د.ناصر البزور

الحجّامون والحجّابون

جميعنا يعلم أنّ الحجامة قد وردت في بعض الأحاديث النبوية الشريفة؛ وإن كان بعضها ضعيفاً، فقد صحَّ بعضها الآخر في احتجام النبي عليه الصلاة والسلام واحتجام صحابته… وكذلك فالرقية الشرعية ثابتة بشكلٍ لا يقلُّ ثبوتاً عن الحجامة … 🙂
المصيبة التي عمّت مجتمعاتنا هذه الأيّام تتمثّل في استغلال هاتين الشعيرتين بشكلٍ غير مسبوق… 🙁
فالرقية في كثيرٍ مِن الأحيان تحوّلت إلى أعمال سحرٍ وشعوذة ونصبٍ واحتيال وتدليس… شيوخٌ ليسوا بشيوخ يتكسّبون ويعتاشون على سذاجة وبساطة المرضى… 🙁
فمَن طلّق زوجته أو خسر تجارته أو أصابه صُداعٌ أو مغصٌ أو إسهالٌ أو توتّرٌ أو باصور أقنعه هؤلاء النصّابون بأنّه محسودٌ أو معيونٌ أو مسحور… 🙁 ثمّ تبدأ جلسات الرقية وتخريج الجنّ والحرب على الشياطين؛ ويدفع المريض المسكين “اللي فوقه واللي تحته” ولا يجدُ علاجاً لآلامه… 🙂 أو أنّه يشفى نتيجة انتهاء الوعكة الصحيّة وانتهاء دورة الفيروس ويظنّ أنّ السحر قد زال أو أنّ الجنّي قد احترق 🙁
أمّا الحجّامون فقصّتهم قصّة لا تقلُّ في سوئها عن سابقتها… فالكثير ممّن يعملون في حقل الحجامة لا علاقة لهم بالطب مِن قريبٍٍ أو بعيد سوى أنّهم مِمّن ينتسبون إلى العلوم الشرعية أو مِمّن استشيخوا لأسباب لا يعلمها إلاّ الله… 🙁 عِلماً بأنّ الحجامة هي حقل من حقول الطبّ الذي يتم تدريسه في بعض الجامعات العالمية؛ وله أسسه وقواعده وأدواته وموجباته… 🙁
أمّا الحجامة لدينا في معظم الأحيان فلا ضوابط طبية تقنّنها سوى بعض الشكليات الساذجة والبدائية… 🙁 فمن يعاني الفتاق تتمّ حجامته…ومَن أصابه الفالج تتمّ حجامته…ومن أصيب بالعُقم تتمّ حجامته… ومَن أصيب بالإمساك تتمّ حجامته… ومَن أصابه الجرب أو الأكزيما تتمّ حجامته… 🙁
يا سادة هذه فوضى وإساءة إلى السنّة النبوية وإلى إسلامنا الحنيف الذي جاء برسالة العلم والعقل؛ ورفع منزلة العلم والعلماء إلى أبعد الحدود؛ بل وحثّنا وأمرنا بالرجوع إلى أهل التخصّص وأهل العلم الدقيق في ملّ شيء فقال: “فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون” 🙁
فمَن كان يشكو الرعاش فعليه بطبيب الأعصاب وليس إلى الكهربجي… 🙁 ومن كان يشكو العُقم فعليه بطبيب العقم والإخصاب وليس الموسرجي… 🙂 ومن كان يشكو المغص فعليه بطبيب الباطنية وليس الفكهنجي… 🙁 ومَن كان يشكو ضعف البصر فعليه بطبيب العيون وليس الكندرجي 🙁 والله أعلمُ وأحكم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى