التَحَوُّط في مُوازَنة 2019 / سلامة الدرعاوي

التَحَوُّط في مُوازَنة 2019

مَبدأ التَحَوّط في قوانين المُوازَنة العامة كان على الدوام احد أبرز الإجراءات المُتخذة من قبل المسؤولين في وزارة الماليّة في الفترات الماضية خاصة في تلك الأوقات التي كان الحكومات تَعمل مع صندوق النقد الدوليّ ضمن ما يسمى ببرامج التصحيح الاقتصاديّ، ألا انه وللأسف تَخَلت عنه حُكومات سابقة، ورفعت تَقديراتها بشكل كبير، الامر الذي ضاعفَ عجز المُوازَنة، لكن هل مَشروع قانون مُوازَنة 2019 أخذ بمبدأ التَحَوّط؟
بالنظر إلى مَشروع القانون نَجد انه يَهدف إلى نسبة نمو حقيقيّ تبلغ 2.3 بالمئة من الناتج المحليّ الإجماليّ، وهي أقل من تقديرات صندوق النقد الدوليّ لسنة 2019 والبالغة 2.5 بالمئة، واضح ان وزارة الماليّة ارتدت بتقديراتها حول النمو حتى تتحفظ قدر ما يُمكّن رغم أنها تعمل مع الصندوق.
بندُ المِنح الخارجيّة الذي قُدّر بـ 600 مليون دينار، هو رقم قليل مُقارنة عما وصل للمملكة فعليّاً من مساعدات سنة 2018 والبالغ مَجموعها 915 مليون دينار، وهو أعلى بكثير مما قُدّر في ميزانية العام الحالي والبالغ 700 مليون دينار، ومن المُرجح أن تزيد المِنح عن الرقم المُقدّر للعام المقبل بمقدار 200 مليون على أقل تقدير، حيث من المرجح أن تزيد الولايات المتحدة منحتها الماليّة للمملكة.
أما بند الإيرادات المحليّة هو الأكثر جدلاً بين أوساط المراقبين بسبب ارتفاع حجم التقديرات الحكوميّة فيه والتي قدرت زيادتها بأكثر من مليار دينار، وهنا يتساءل البعض هل أخذت الحكومة من بمبدأ التَحَوّط في هذا البند ام بالغت فيه؟
بالنسبة للإيرادات الضَريبيّة التي قُدّرت زيادتها بـ 723 مليون دينار، فان أساس الزيادة التقديريّة يَستندُ إلى زيادة ضريبة الدخل بمقدار 245 مليون دينار ناتج عن إقرار قانون الضَريبة الجديد الذي من المُقدّر ان يرفع ايراداتها بواقع 180 مليون دينار، اضافة إلى زيادة التحصيلات الضَريبيّة من أرباح شركات البوتاس والملكية والفوسفات.
أما ضَريبة المبيعات التي قدرت زيادتها العام المقبل بمقدار 400 مليون دينار، فان ذلك ناتج اساسا من الإجراءات الماليّة التي اتخذت في شهر نيسان الماضي ضمن الاتفاق مع صندوق النقد الدوليّ والتي من ضمنها زيادة الضَريبة على البنزين والسلع والدخان، والتي من المُرجح أن ترفد الخزينة لوحدها بـ 130 مليون دينار، اضافة على النمو الطبيعيّ في الإيرادات من هذه الضَريبة واجراءات للحدّ من التهرّب ناهيك عن الحوافر الضَريبيّة التي أُقرت مؤخرا والتي جميعها على أقل تقدير.
وبالنسبة لتقديرات الحُكومة بنمو ايراداتها الجمركية بمقدار 72 مليون دينار بان هذا ناتج عن إلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا والتي تعتقد الجهات الرسمية انها ستزيد التحصيلات الجمركية لوحدها بـ 50 مليون دينار، ناهيك عن النمو الطبيعيّ في حركة المُستوردات.
وفيما يتعلق ببند ايرادات بيع العقار، فان وزارة الماليّة ترى أن هُناك نمو بمقدار 5 ملايين دينار، مصدره الأساسيّ قرار الحكومة حول التَملّك لأبناء غزة، ومعالجة قضايا للاعتداء بالتسوية الماليّة التي تفضي للتملّيك.
أما بند الإيرادات غير الضَريبيّة فان وزارة الماليّة قَدّرت نموه بمقدار 312 مليون دينار، وهو ناتج اساساً عن عدة إجراءات ماليّة من ابرزها دمج 29 موازنة من الهيئات المُستقلة والتي سترفد الإيرادات بـ 120 مليون دينار، اضافة لأثر الإجراءات الماليّة التي اتخذت في عام 2018، والإعفاءات وغيرها من القرارات المُتعلقة بالجوازات وتصاريح العمل التي تم تفعيلها مُنتصف العام الحالي.
واضح أن الحكومة ممثلة بوزارة المالية أخذت بمبدأ التحوط وكانت أقل مما تراه فعليّا، لكن هذا الأمر يبقى في دائرة التقدّيرات المُرتبطة بتطورات الوضع الاقتصاديّ والتداعيات المختلفة في المنطقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى