التوابع / سهير جرادات

التوابع
سهير جرادات

ما تزال الحياة الحزبية في الأردن غير نشطة ، ولم تصل إلى درجة الشيوع بين المواطنين ، وما زال الاقبال على المشاركة الحزبية ضعيفا، رغم أن الأحزاب تعد مظلة تجمع من يحملون ذات التوجه الفكري والمبدأ المشترك ، وأسهمت أجهزة الدولة تاريخيا في محاربة العمل الحزبي ، وملاحقة أصحاب الفكر الحزبي، وتضييق الخناق عليهم في رزقهم وعملهم ، حتى وصل الأمر إلى التضييق على عوائلهم.

لن ندخل في الأسباب التي دعت أجهزة الدولة لانتهاج هذا الطريق المعادي للحياة الحزبية والديمقراطية، ولحرية الفكر والرأي ، ولكن سنتحدث عن تداعياته بعد أن بات الفكر محاربا محاصرا ، حيث ان الطبيعة البشرية تحتاج إلى العمل ضمن مجموعات تشاركها الرأي والفكر ، وتعمل على الدفاع عن المبادئ التي تؤمن بها.

إن غياب الحاضنة الفكرية والعمل المشترك القائم على المبدأ الواحد ، حدا بعضهم الى إيجاد تجاذبات قوى ، من خلال استغلال مناصبهم ومواقعهم المتقدمة ، وسعوا إلى إرساء قواعد لهم من الأتباع تكون مهمتهم تلبية رغباتهم ، وتيسير أمورهم التي تخدم مصالحهم الشخصية، على أن يكونوا دائمي المديح للمتنفذين ، ومصادر رئيسة ودقيقة للأخبار التي تهمهم أولا بأول ، إلى جانب حياكة الفتن والمؤامرات التي تخدم مصالح هؤلاء المتنفذين.

مقالات ذات صلة

وبالمقابل هناك أشخاص يبحثون عمن يقدم لهم الرعاية والحماية ، وإن كانوا بعيدين كل البعد عن فكرهم ومعتقداتهم ومبادئهم التي يؤمنون بها ، نظير مساعدتهم في اختصار المسافات وإيصالهم الى غاية ليست من حقهم ،نتيجة ذلك ظهر نوع جديد من الجماعات مغايرة لما تقوم عليه الأحزاب من مبادئ ، جماعات هدفها البحث عن راع لأحلامها، مستخدمة المتنفذين من أصحاب المناصب أو المال والسلطة ليكونوا ملاذا لهم ، من خلال التملق والمراوغة لهم ، وممارسة الكذب و” الدهلزة “عليهم ، وتقديم ما يطلب منهم لهذه الشخصيات المتنفذة مقابل تسهيل الحياة لهم ودعمهم وتوفير فرص العمل والترقية لهم، والحصول على الاعطيات غير المنصفة وكل ذلك مقابل أن يرضي غرور المتنفذ.

وتمادت تلك الجماعات في سيطرتها وحرصها على تحقيق منافعها على حساب الوطن إلى تنفيذ المؤامرات التي تتم حياكتها لصالح “المتنفذ” ضد من يعاديه ، بحيث يكون مثل هذا الشخص دائم المديح له ، ويمسح له ” الجوخ ” ، مقابل الحصول على الأعطيات التي تكون على شكل منصب أو ترقية ، أو مجرد تقديم الحماية له من شرور المتنفذ نفسه .

بالمختصر فإن هؤلاء المتنفذين من خلال ما يقدمون الى اتباعهم أشبه ما يكونون بالبلطجية ، الذين يقدمون الحماية لأتباعهم ، لكن السؤال المهم : ممن يحمونهم ؟ هل يحمونهم من أنفسهم !

للأسف ، فرغنا العقول من الفكر ، وتركنا شبابنا أضحوكة ولعبة بيد زمرة من المتنفذين البلطجية ، الذين سمحوا لهم بممارسة الأحقاد عليهم ، بعد أن فقدوا القدوة ، وغاب الفكر عنهم ، فانصاعوا واستسلموا ..

Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى