البصقة / يوسف غيشان

البصقة
قمت في الصباح ، حلقت ذقني بكل احتراف .
إغتسلت . سرحت شعري . لبست بذلتي السكنية ، وتعطرت.
نظرت في وجهي في المرآة ، فنظر إليّ الآخر بكل احترام
وبش في وجهي .
حملت شنطة السمسونايت ، ركبت سيارتي وانطلقت إلى الشركة ، حيث لى أصدقاء كثريون ، دخلت على عطوفة المدير العام ، حدثته عن آخر المعلومات التي سمعتها وجمعتها .
نقلت له حرفيا ما قاله بعض الزملاء في تعليقهم على تلك الموضوعات حينما كنت أطرحها عليهم مستفسرا .. تحدثت عن بعض نشطاء الحركة النقابية والحزبية في الشركة ، وجمعت ما تيسّر لى وما تعسّر من المعلومات الشخصية عن بعضهم .. نظر إليّ عطوفته بكلّ احترام ، و بشّ في وجهي .
بعدها خرجت إلى وزارة الداخلية حيث قابلت موظفا كبيرا ، قدمت له تقريرا شفهيّا ومكتوبا حول الكثير من الأمور والمستجدات على الساحة الداخلية ، وحول اتجاهات الشارع ووجهات نظر الناس ، وماذا يقولون في مجالسهم وممن يشتكون ويتذمّرون .. فرح الموظف الكبير لحصوله على هذه المعلومات ، و بش في وجهي .
انطلقت بعدها إلى وزارة المالية ، حيث استقبلني معالي الوزير شخصيا ، نقلت شكري الشخصي وشكر الكثيرين له على جهودة الجبارة في إرضاء صندوق النقد الدولي ، حتى نستطيع الحصول على المزيد من الديون والتسهيلات لبناء الوطن … شعر معالي الوزير بالامتنان ، و بش في وجهي .
ذهبت بعدها إلى وزارة الزراعة ، حيث شكرت معالي الوزير على جهوده الجبارة في إنجاح الاحتفال بيوم الشجرة ، وعلى قدرة معالية الفذة على إبقاء المزارع تحت خط الفقر ، لما في ذلك الأمر من مصلحة وطنية ، لأن المزارع إذا اغتنى استغنى وتوقف عن الزراعة ، فتتعطل عجلة الإنتاج .. أُعجب معالي الوزير بتحليلاتي واستنتاجاتي ، فبش في وجهي .
ذهبت إلى وزير الصناعة والتجارة ، فبشّ في وجهي
إلى وزير الاتصالات .. بش في وجهي
إلى وزير الصحة… بش في وجهي
إلى دولة رئيس الوزراء فبش في وجهي .
عدت إلى البيت في المساء راضيا مرضيا .
ركنت شنطة السمسونايت إلى الحائط ، نظرت إلى وجهي في المرآة ، فنظر إلي الآخرُ بكلّ احتقار .. وبصق في وجهي .
من كتابي(لماذا تركت الحمار وحيدا)الصادر عام2008

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى