الانتخابات النقابية ! أبيض وأخضر؟ بل عمى ألوان ! / م . ليث الشبيلات

الانتخابات النقابية ! أبيض وأخضر؟ بل عمى ألوان !

انتخابات هيئة المكاتب كانت مؤشراً جيداً على ملل الزملاء المهندسين من أن يساقوا سوقاً بقوائم هزيلة خضراء وبيضاء تزعم أن ما حشدها في حشودها إنما هو الالتزام بالمبادئ الفكرية التي لم يبق منها عند معظمهم سوى العنوان بينما لا تختلف تصرفات معظم أعضاء الحشدين عن أخلاقيات بعضهم البعض وهي أخلاقيات غير ممدوحة كثيراً. . فلا الخضراء قريبة في تصرفات منتسبيها الململمين حولها بالمبادئ الاشتراكية الثورية النضالية ولا الإسلاميون ملتزمون بقوله سبحانه وتعالى ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون). الفريقان خانعان في المسائل السياسية والوطنية الكبرى لا يتجرآن على مواجهة الانحراف بل قل الإنجراف السياسي لسلطاتنا السياسية التي لم يبق مقدس عندها إلا وباعته بسكوت هؤلاء وهؤلاء أو بممانعتهم الدافئة ، ممانعة “الطانطات” : ” يي عليك شو رزيل!” . ففكونا من زعمكم طهر مواقفكم السياسية . فبعد كل هذا النهب والسلب والسطو على ثروات الشعب وبعد كل هذا الخنوع والاستسلام للمشروع الصهيوني وتفريط بما أؤتمنا عليه من مقدسات وبعد انضمامنا عسكراً خدماً لدى الناتو وأمريكا على طريق تغيير العداء من الصهيونية إلى المجوسية دونما تذمر إلا بالهمس فليصمت كل من يزعم أنه إسلامي أو قومي أو يساري لم ينهض لمواجهة هذه السفالات.
وعليه فإن تحميل العمل النقابي أعباء المواقف السياسية هو أمر كاذب شديد الانحطاط يتم التلاعب فيه بمشاعر الشباب الذين يعتقدون في أحدنا الإسلاميين أنه خليفة خالد بن الوليد مع أننا أقرب إلى ابن أبي سلول من خالد. ويعتقد اليساريون منهم أن “تشي غيفارا” قد تقمص تافهاً آخر من يسارنا المحتضر مع أن مبادئ ميلتون فريدمان المناقضة لليسار النظيف هي محرك غيفارانا الجديد هذا. كفى دجلاً ونفاقاً وكذباً فليس فيكم يساري ولا إسلامي ولا قومي حقيقي إلا قلة قليلة لا ترقى إلى تمثيل تيار. فلتصمتوا ولتعملوا للمهنة إن كان عندكم فضل مهنية. وبعد ذلك إذا استجمعتم الشجاعة الكافية تعالوا لنتعاون في ما تركتمونا وحيدين فيه زاعمين أن المشكلة إنما هي في فرديتنا وليست المشكلة في ارتعاد فرائصكم وجبنكم المفضي إلى السكوت حتى عن بيع المقدسات.
دون أن يسجل كلامي كخدمة لليساريين والقوميين والوطنين االذين حالهم أسوأ من حال الإسلاميين أوجه نقدي لمن يزعمون أنهم إسلاميون اليوم لأنهم في مجملهم خانوا أملنا فيهم أن يكونوا رافعة للوطن والامة وهبطوا بتيارنا من تيار كان في عنفوانه يأبى حتى الدعاء للملك على منابر الجمعة إلى تيار يحسب حساب شاويش في الأمن العام ناهيك عن المخابرات.
يكفيكم غشاً للشباب ! تجمعكم أهواؤكم معشر قياديي الشأن النقابي تهيمنون على المستقلين المتدينين بهيبة انتمائكم إلى التنظيم الكبير، ثم إذا راجعنا قياداتكم السياسية ووافقونا صادقين على المبادئ التي لا يختلف عليها صادقان ترفعون تقريراً للقيادة السياسية بعد مخالفتكم لتعليماتها بأنكم لم تستطيعوا الامتثال لأن المستقلين ( المرعوبين من هيبة التنظيم) هم يشكلون الأغلبية الكاذبة التي قررت بعكس ما أراده التنظيم !
قلة صغيرة من قيادات الصف الثالث للتيار تلعب بقيادتهم وبنا الطابة فيصلون إلى قرار يوحون بعده بأن الذي يخالف قرارهم يكون خارجاً عن الاجماع مصادماَ لله ورسوله. تيار ليس فيه محاسبة داخلية حازمة تحميه من الانحراف وهو الذي أخذ شرعيته من الناس بإيمانهم بنظافة وطهر غرض منتسبيه ، أصبح الانتساب له التفاف عصبوي بمعنى انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً. يرتفع الصوت عالياً عند ذكر فساد الآخرين وثم يقولون لك : يا هذا إن النصيحة بالسر عندما تتكلم عن فسادهم هذا إن استمعوا أصلاً إلى نصيحة. تارة يشيطنون الآخر محرمين التحالف معه كما حدث معي عندما أجمع الآخرون على ترشيحي نقيباً للجميع عام 1988 مطلقين مبدأ : اليد المتوضئة لا تصافح اليد غير المتوضئة ثم بعد سنة بالتمام صافحت اليد المتوضئة اليد غير المتوضئة بانتخاب العدو الأزلي للتيار الإسلامي ممدوح العبادي نقيباً للأطباء. يبدو أن اليد المتوضئة في المرة الثانية كانت تلبس قفازات طبية مما سهل عملية المصافحة. دجل! في دجل! في دجل! يلوون المواقف الشرعية لتبرر الأهواء وها قد رأى الشباب الذين لم يعيشوا المرحلة التي ذكرت أعلاه كيف تحالف “الأتقياء” زعماً مع “المارقين” زعماً أيضاً في انتخابات هيئة المكاتب.
آن الأوان لكي نفهم أن مخالفتنا لما يزين لنا أنه إجماع يغضب الله ، بل إن الإنخداع بهذا الاجماع الذي يدبر بليل رغم أنف المعارضين الغيورين الناصحين هو الذي يغضب الله لقول سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه : لست بالخب ولا الخب يخدعني. تعالوا أعلمكم ما يغضب الله ورسوله ، لا يغضبهما أكثر من عدم محاسبتنا لمتنفعين في تيارنا إن وجدوا وقد وجدوا وبكثرة . أية دعوة إلى الله تريدون أن تعطوها مصداقية عندما يركب مد دعوتنا النبيلة مصاصون لدمائها.
ماذا أقول لربي عندما أدعم مرشحاً تقاتلون من أجله رضي بأن يتنفع من مؤسسة للنقابة عليها تأثير! ويا ليت بنجاح حتى نخرس ! ولكن بخسارات متتابعة ! أين الأمانة ؟ أين التقوى؟ ترقصون كالسكارى عندما نتكلم عن فساد الديوان الملكي أما إن تكلمنا عن فساد في التيار أصبحنا خوناً لمسيرة الصحوة الإسلامية. أين تقوى الله الذي تخيفوننا به يا من خيط تقواكم عرضه عند بعضكم بعرض مسرب للسيارات.
أما قولكم بأن بعض خصومكم يأتمرون في كثير من الأمر بأوامر الأجهزة فرغم أنه صحيح إلا أنكم “يا تقبروني ” لستم بريئين من نفس التهمة بل وأشد . وأنا شاهد مباشر على ذلك في ما مضى. وإن شئتم مناظرتي في هذا الموضوع أمام ملأ من الناس فحباً وكرامة .
يكفي مجانبة للحق ! تنافسوا مع الآخرين دون استعمال الدين كرافعة لكم بل كونوا رافعة للدين بصدقكم وحسن تصرفكم.
أنا أدعو كل الزملاء بأن يتضامنوا لكسر احتكار الأبيض والأخضر وغيره على نقاباتنا وذلك بممارسة التشكيل في ورقة الانتخاب . إن النجاح الكامل لأية قائمة باب للمفسدة وليس للإصلاح وأنا أعلن أنني حتى تاريخه قد توصلت إلى اختيار جزء لا بأس به من المرشحين من أكثر من قائمة سأدعو لها على طريق إيجاد تشكيلة في المجالس تضمن عدم الهيمنة المفضية إلى التراخي والتنفيع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى