الأطفال الأكثر عرضة للتسمم بالرصاص

سواليف – ضمن الاسبوع العالمي للوقاية من تسمم الرصاص الذي يأتي في الفترة من 23 إلى 29 من تشرين الأول.. تشير التقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن معدل تعرض الأطفال للرصاص يسهم سنوياً في إصابتهم بنحو 000 600 حالة جديدة من حالات العجز الذهني. كما تشير التقديرات إلى أن التعرض للرصاص يستأثر بمعدل وفيات قدره 000 143 حالة وفاة سنوياً تلقي بأثقل أعبائها على الأقاليم النامية.

الرصاص مادة تراكمية سمية تؤثر على العديد من أجهزة الجسم وتلحق الضرر بصغار الأطفال تحديداً، ويتوزع الرصاص في الجسم على الدماغ والكبد والكليتين والعظام ويُخزّن في الأسنان والعظام حيث يتراكم مع مرور الوقت. وعادة ما يُقيّم تعرض الإنسان للرصاص عن طريق قياس مستوى الرصاص في دمه، ولا يوجد مستوى معروف من التعرض للرصاص يُعتبر آمناً.

إن الرصاص معدن سام يوجد بشكل طبيعي في القشرة الأرضية، قد أسفر استخدامه بكثرة عن تلويث البيئة بشكل واسع النطاق وعن تعرض الإنسان لأضراره وإحداث مشاكل كبيرة في الصحة العمومية في أصقاع كثيرة من العالم.

ومن المصادر الهامة لتلويث البيئة أنشطة التعدين وصهر المعادن والتصنيع وإعادة التدوير واستمرار بعض البلدان في استخدام الطلاء والبنزين الحاويين على الرصاص. ويزيد على الثلاثة أرباع استهلاك الرصاص في العالم لأغراض صناعة بطاريات الرصاص الحمضية للسيارات، على أنه يُستخدم أيضاً في عدة منتجات أخرى، من قبيل الأصباغ والدهانات واللحام والزجاج الملون والأواني البلورية والذخيرة والخزف المُزجّج والمجوهرات ولعب الاطفال وكذلك في بعض مستحضرات التجميل والأدوية التقليدية. وقد تحتوي على الرصاص مياه الشرب المنقولة بواسطة أنابيب مصنوعة من الرصاص أو موصولة ببعضها البعض عن طريق لحامها بالرصاص. ويُحصل الآن من عمليات إعادة التدوير على معظم الرصاص المُستخدم في العالم لأغراض تجارية.

ويتعرض بوجه خاص صغار الأطفال لخطر آثار الرصاص السامة ويمكن أن يعانوا من آثار ضارة جسيمة ودائمة تلحق بصحتهم، ولاسيما تلك التي تؤثر على نماء الدماغ والجهاز العصبي. كما يخلّف الرصاص أضراراً طويلة الأجل على البالغين، ومنها زيادة مخاطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم والفشل الكلوي. ويمكن أن يتسبب تعرض الحامل لمستويات عالية من الرصاص في الإجهاض وولادة جنين ميت والولادة المبكرة وانخفاض وزن المولود، والإصابة كذلك بتشوهات طفيفة.

مصادر التعرض للرصاص وطرقه

يمكن أن يتعرض الناس للرصاص من مصادر مهنية وبيئية، وينشأ ذلك في المقام الأول عن طريق ما يلي:

-استنشاق جزئيات الرصاص الناجمة عن حرق مواد حاوية على الرصاص، كاستنشاقها مثلاً أثناء عمليات الصهر وإعادة التدوير غير الرسمية وتجريد الطلاء الحاوي على الرصاص واستخدام البنزين الحاوي على الرصاص؛ واستنشاق الغبار الملوث بالرصاص وشرب المياه (المنقولة بواسطة الأنابيب الحاوية على الرصاص) وتناول الأطعمة (المحفوظة في حاويات مصنوعة من الرصاص المزجج أو ملحومة بواسطة الرصاص).

-يمكن أن يسفر استخدام بعض المستحضرات والأدوية التقليدية عن التعرض للرصاص.

– الطفل الصغير معرض تحديداً للتسمم بالرصاص لأن جسمه يمتصه من مصدر معين بمعدل يفوق امتصاص جسم البالغ له بمقدار يتراوح بين 4 و5 أمثال. وعلاوة على ذلك فإن فضول الأطفال الفطري وسلوكيات وضع اليد في الفم المقترنة بأعمارهم تؤدي إلى تناولهم وابتلاعهم أجساماً حاوية على الرصاص أو مطلية به، مثل التربة أو الغبار الملوث بالرصاص ورقائق الطلاء المتحللة والملوثة بالرصاص. وتتفاقم طريقة التعرض هذه لدى الأطفال المصابين بالقطا (الرغبة الدائمة والملحّة في تناول أشياء ليست من المواد الغذائية)، ممّن قد يلتقطون مثلاً رقائق طلاء حاوية على الرصاص من الجدران وأطر الأبواب والأثاث ويتناولونها. وقد أدى التعرض للتربة والغبار الملوثين بالرصاص والناجمين عن إعادة تدوير البطاريات وأنشطة التعدين إلى إصابة صغار الأطفال في السنغال ونيجيريا بحالات جماعية للتسمم بالرصاص ووقوع عدة وفيات بين صفوفهم.

والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية هم أكثر عرضة للتسمم بالرصاص لأن أجسامهم تمتص كميات أكبر من الرصاص إن كانوا يعانون من نقص مغذيات أخرى، كالكالسيوم. والأطفال المعرضون للخطر هم الأحدث سناً (بمن فيهم الأجنة في طور النمو) والفقراء.

آثار التسمم بالرصاص

الصحية على الأطفال

يخلّفُ الرصاص عواقب وخيمة على صحة الطفل، وعند التعرض له بمستويات عالية فإنه يهاجم الدماغ والجهاز العصبي المركزي ويسبب الغيبوبة والتشنجات، بل حتى الموت. وقد يُصاب الناجون من الأطفال من التسمم الحاد بالرصاص بتخلف عقلي واضطراب سلوكي. أما التعرض للرصاص بمستويات أدنى لا تسبب أية أعراض واضحة للعيان أو التي كانت تعتبر آمنة في السابق، فإن من المعروف عنها اليوم أنها تسفر عن إصابة العديد من أجهزة الجسم برمتها بطائفة واسعة من الأضرار. ويؤثر الرصاص تحديداً على نمو دماغ الطفل مما يؤدي إلى هبوط معدل ذكائه وتغيرات في سلوكه، من مثل تقصير مدى الانتباه وزيادة السلوكيات المعادية للمجتمع وانخفاض مستوى التحصيل العلمي. كما يتسبب التعرض للرصاص في الإصابة بفقر الدم وارتفاع ضغط الدم والقصور الكلوي وتسمم جهاز المناعة والأعضاء التناسلية، ومن المعتقد أن آثار الرصاص العصبية والسلوكية لا شفاء منها.

ولا يوجد تركيز آمن معروف لمستوى الرصاص في الدم، ولكن من المعروف أن هناك تناسباً طردياً بين التعرض للرصاص وطائفة أعراض التسمم به وآثاره. وحتى مستوى تركيز الرصاص في الدم بمقدار متدن يصل إلى 5 ميكروغرام/ ديسيلتر، الذي كان يُعتقد في وقت ما أنه «مستوى آمن»، قد ينجم عنه هبوط مستوى الذكاء لدى الطفل ومعاناته من صعوبات سلوكية ومشاكل في التعلم.

ومن بواعث التشجيع أن نجاح التخلص تدريجياً من البنزين الحاوي على الرصاص في معظم البلدان أدى إلى تخفيض كبير في مستويات تركيز الرصاص في الدم على مستوى السكان، ولا يوجد الآن سوى ستة بلدان تواصل استخدام هذا النوع من البنزين.

الرأي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى