الأردنييون ينتظرون / سهير جرادات

الأردنييون ينتظرون

سهير جرادات

قبل أربعة أشهر ، وبالتحديد عندما التقى سيد البلاد مجموعة من طلبة الدراسات الدولية في كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني بالجامعة الأردنية ، وجه جلالته للشعب عدة رسائل ، كانت أولاها أن نساعده بالضغط من تحت على الحكومات والبرلمان لتطوير عملهم ، وتطبيق مبدأ سيادة القانون فيما جلالته يضغط عليهم من فوق .

أما الرسالة الثانية فهي تأكيده اخراج الوزير أو المسؤول المقصر من منصبه فورا دون الاكتراث بغضب أقاربه وعشيرته ، والثالثة، تأكيد جلالته أنه لا سقف للحريات ، وآخرها الاشارة إلى الرؤية الملكية بتخفيض عدد مجلس النواب من 130 إلى 80 نائبا ، بالتالي سيعود عدد الأعيان إلى 40 عينا كونهم يشكلون النصف.

اضراب يوم الاربعاء الماضي الواسع الذي عم أغلب المؤسسات والنقابات والمراكز التجاریة في عمان والعديد من المحافظات ، وما تبعه من احتجاجات ليلية ضد النهج الحكومي القائم على الجباية، أكد أن الرسالة الملكية الأولى وصلت جيدا إلى الشعب ، الذي التقطها واستوعبها بكل رقي ووعي ، ورسم تخطيطا محكما لتنفيذ اضراب دعت إليه الكثير من الفعاليات والنقابات المهنية التي استعادت دورها في الاقتراب من نبض الشارع وهموم الناس.

وأدى الاضراب دوره ونجح بكل المقاييس في ايصال كلمته للحكومة التي لم تكن حكيمة في تعاملها مع الظروف ، وإلى النواب الذين فقدوا البوصلة، وتاهوا بين مصلحتهم بتمرير ما تقرره الحكومة ومصلحة الشعب بايقاف القرارات التي تغرقه بالجوع والفقر؛ وبذلك يكون الشعب نفذ الضغط المطلوب منه بكل الوسائل سواء بالإضراب ، أو مقاطعة المحروقات ، أو بإمهاله الحكومة مهلة اسبوع للتراجع عن قراراتها المجحفة وبالذات قانون الجباية الضريبي ، ونظام الخدمة المدنية، وإلا سيتجدد الاضراب يوم الاربعاء المقبل .

الآن ، بعد أثبت المواطن أنه التقط الرسائل الملكية بصورة جيدة ، وترجمها بروح المواطنة الملتزمة ، فإنه ينتظر رسائل أخرى تُترجم على أرض الواقع من خلال إقالة الحكومة وطاقمها بعد أن ثبت تقصيرها وإهمالها لدورها في متابعة قضايا المواطنين ، حتى تكون عبرة لمن تأتي بعدها ، حيث أظهرت زيارة الملك إلى مستشفى البشير مدى تقصير الحكومة التي تحولت إلى صانعة للأزمات الداخلية ، إلى جانب تخبطها في الأداء، وعجزها عن تحقيق اي نجاح اوانجاز الا بتمزيق جيوب المواطنين بالضرائب ورفع الاسعار.

وحتى يكتمل تحقيق اثر الرسائل الملكية، فمن الحكمة أن ترافقها الارادة الملكية بإقالة الحكومة مع حل مجلس البرلمان ، لإتاحة المجال أمام أخر الرسائل الملكية بتخفيض عدد أعضاء مجلس النواب ،ووضع قانون انتخابي جديد وإجراء انتخابات نيابية خلال الاشهر القليلة المقبلة ، وبحد أقصى في تشرين الأول .

إن هذا الشعب الذي أثبت وعيه ومسؤوليته ،بوقوفه إلى جانب قيادته ، والتقاطه الحكيم للرسائل الملكية التي توجه اليه ، ليترجمها فيما بعد بأمانة وإخلاص ، فإنه بقدر حبه وتقديسه لوطنه وبمقدار محافظته على ممتلكاته، يستحق أن ينصف في معركته؛ بطلب سحب مشروع القانون المعدل لقانون ضریبة الدخل قبل مناقشته في مجلس النواب .

الحكومة التي تصر على موقفها بإلزام جمیع الأطراف مناقشة قانون الضريبة في مجلس النواب ، دون سحبه مع اصرارها الخفي والمعلن على تنفيذه ، وللأسف بدلا من التهدئة واحتواء الازمة ، ومعالجة أسباب الاضراب الذي يعد الأول من نوعه بهذا الشكل والحجم والمكان ضد الحكومة ، تصر على خطواتها الاستفزازية برفضها القطعي سحب القانون ، وتتحدى الشارع الملتهب باتخاذ قرار أكثر اجحافا تمثل برفع أسعار المحروقات ، إلى جانب الزيادة في تسعيرة الكهرباء- قبل أن يوعز الملك لرئيس الوزراء لوقف قرار تعديل تعرفة المحروقات لشهر حزيران الحالي – ،وكأنها بذلك تزج الجماهير الغاضبة إلى الشارع،الذي بدأ يفقد صبره ويضرب بعرض الحائط الأمن والآمان الذي ما انفك يتغنى به في المراحل السابقة.

كما التقط الشعب الرسائل الملكية ، وتعاون مع قيادته بالضغط من الأسفل، فإنه يستحق الآن أن يرى مقدار قوة الضغط من الأعلى ، ليبقى الأردن .. وطننا وقيادة وشعبا ، الأقوى والأكثر منعة .

وسيبقى الأردنييون ينتظرون صدور قرارات تثلج صدورهم..!

Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى