استرخاص الدم الأردني / أ . د أنيس الخصاونة

استرخاص الدم الأردني

يتساءل الأردنيون بحرقة وحيرة شديدة عن أسباب تساهل الحكومة الأردنية في حادثة السفارة الإسرائيلية في عمان ، والتي ذهب ضحيتها مواطنين أردنيين بريئين .
حيرة الأردنيين لا تقف عند حادث السفارة هذا وتعامل الحكومة الأردنية مع الحدث وتسليمها للمجرم القاتل لحكومته قبل مرور اربع وعشرين ساعة على الجريمة ، وإنما تتجاوز ذلك لتتساءل عن تعامل حكوماتنا غير الرشيدة مع عدة أحداث كان الإسرائيليون طرفا فيها وذهب ضحيتها أناس أبرياء مثل القاضي رائد زعيتر ، والشرطي السياحي إبراهيم الجراح ؟.
لماذا يا ترى تخضع حكوماتنا لهذا العنت والتنمر الإسرائيلي في الوقت الذي لا تبذل الكثير للدفاع عن كرامات مواطنين أردنيين ؟. هل دماء الأردنيين رخيصة لهذه الدرجة أم أن الحكومة تعطي الأولوية لعلاقاتها مع الكيان الصهيوني وتضحي بكرامات مواطنيها؟.

أتساءل هنا ماذا لو كانت الحادثة في تركيا وماذا لو اعتدى حارس السفارة الإسرائيلية وقتل مواطنين أتراك ، هل كانت حكومة السيد طيب أردوغان ستتصرف بنفس الطريقة التي تصرفت بها الحكومة الأردنية؟
وهل لو كانت الواقعة قد حصلت في إيران سيتم ترك المجرم يغادر البلد بهذه السرعة دون محاسبة؟
القانون الدولي جدير بالاحترام ومعاهدة فينا ملزمة للجهات التي وقعت عليها ، ولكن المحافظة على دماء وكرامات المواطنين واجب الدولة الرئيسي وفي حال تساهل الحكومة أو تراخيها في حفظ أرواح مواطنيها فهي ليست جديرة بالبقاء والاستمرار .

الأردنيون في بلعما ووادي موسى والمخيبة والنعيمة والقادسية وجنيد وراس منيف لم يعودوا يشعرون بالأمن الذي تتغنى به الحكومات المتعاقبة وبدأ بعض هؤلاء المواطنين يشعرون أن علاقاتنا بإسرائيل مقدمة على كرامة المواطنين وأرواحهم.
لم نقتنع كثيرا بالمؤتمر الصحفي الذي عقده ثلاث وزراء في الحكومة الأردنية أمس تماما مثلما لم نقتنع بتصريحات وزير الداخلية الذي يحمل مسؤولية الحادث ضمنا إلى الشاب المرحوم الدوايمة .
حارس السفارة ليس دبلوماسيا وفي حال تمتعه بالحصانة كان يمكن أن ترفع الحصانة عنه مؤقتا لغايات التحقيق معه واستجوابه ومحاكمته لا أن يترك ليغادر الأردن ويستقبل استقبال الأبطال من قبل كبير المجرمين رئيس وزراء إسرائيل الذي تعامل بصلف ووقاحة شديدة مع الحدث وكأن الضحيتين الدوايمة والحمارنه ليسوا بشرا .
نعتقد بأن تعامل الحكومة الأردنية مع مجمل الأحداث التي كان الإسرائيليين طرفا فيها مثل مقتل الشرطي السياحي إبراهيم الجراح قبل بضع سنوات ومقتل القاضي زعيتر وأخيرا مقتل الدوايمه والدكتور الحمارنة يضع الكثير من إشارات الاستفهام على الأسلوب العاجز في معالجة الأزمات والحفاظ على كرامة الأردنيين .
ما يدور في خلد الأردنيين اليوم هو هل المواطن ما زال أغلى ما نملك؟ وهل الدم الأردني وكرامة الأردنيين تمثل أولوية للحكومات ؟ وهل سلوك الحكومة العاجز في قضية السفارة الإسرائيلية جعل “حيط الأردنيين واطي”؟. وهل ستتصرف الحكومة بنفس الطريقة في أية أحداث مستقبلية تكون إسرائيل طرفا فيها؟.
نقول نعم فإن الأردنيون بقدر ما يشعرون بالسخط على هذه العجرفة الإسرائيلية فإنهم اليوم يشعرون بغضب كبير على حكوماتهم التي لا تذود عن كراماتهم و تمالئ إسرائيل العدو الأول للأمة على حساب أرواح ودماء أبنائها…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى