إنتصار بيروسي / يوسف غيشان

إنتصار بيروسي

كان يا مكان في قديم الزمان ، وقبل أن يسيطر الرومانيون على إيطاليا ويؤسسوا أمبرطوريتهم الكبرى على أنقاض الأمبرطورية اليونانية . في ذلك الزمان طلبت مدينة في جنوب إيطاليا المساعدة من أمير وقائد أغريقي أن يأتي لنجدتها من الرومان، فاستجاب للطلب.
القائد الأغريقي بيروس الذي لبى طلب النجدة وصل الى أرض المعركة بصحبة عدد من الأفيال ، التي تعلم اليونانيون طرق استخدامها في الحروب من الهنود، ونجح بيروس في هزيمة الفيلق الألماني .
وعند إحصاء الخسائر تبين للقائد المنتصر بيروس، بأنه ورغم انتصاره في أرض المعركة ، الا انه خسر عددا كبير من رجاله، فقال عبارته المشهورة:
– إنتصار آخر كهذا، وسنصبح في عداد المفقودين.
ولا يزال الخبراء العسكريون ، حتى اليوم، يتحدثون عن “الإنتصار البيروسي” الذي يتحقق بكلفة عالية جدا.كان القائد بيروس جريئا حينما مارس نقد الذات وقلل من أهميىة انتصاره، لأنه خسر الكثير.
كنت أقرأ عن الإنتصار البيروسي هذا، وأنا اتذكر بأننا نادرا ما نعترف بهزائمنا ، لا بل اننا نحولها الى انتصارات ، ونشرع في التغني فيها فورا حتى قبل أن نثبتها على أرص المعركة، تماما كما فعلنا عندما احتللنا جبل المكبر لنصف ساعة أو أقل عند بداية حرب الإيام الستة، وفي تلك النصف ساعة لم نتورع عن انتاج أغنية حماسية وبثها في الإذاعة( كبّر كبّر ع المكبر) ، ولم ينته بث تلك الأغنية الا وكنا في عداد المنهزمين .
حتى هزائمننا التي نعترف فيها نسميها(انسحاب تكتيكي)..أهلا تكتيكي.
كم نحن بحاجة الى قائد مثل بيروسي ..يعرف معنى النصر ويعرف معنى الهزيمة،ويعرف مرارة النصر المخلوط بطعم الزيمة المر.
هل انتصرنا منذ مئات السنين …سوى على شعوبنا؟؟؟
ghishan@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى