إنتخاب نائب واحد / رائد عبدالرحمن حجازي

إنتخاب نائب واحد

كالمعتاد وفي المساء يجتمع رجال ووجهاء القرية في مضافة المختار مثقال ولكن هذه الليلة كانت متميزة عن سابقاتها , فقد إفتتح المختار مثقال الحديث مخاطباً الرجال بقوله : بتدروا يا جماعة الخير ليقاطعه مفضي المقحمش قائلاً : خير يا أبو طايل وشو بي ؟ ثم يقول سالم الدعدورة : عسى ما شر يا مختار؟ ليتدخل ثلجي الزقطة ويقول : يا جماعة الزلمة بعده ما حتشى ولا تشلمة خليه يسولف بالأول تا نشوف وشو بي عنده ثم يدير وجهه بإتجاه المختار متمماً قوله : ولا أني غلطان يا مختار؟ فيرد عليه المختار قائلاً : لا والله يا ثلجي منتيش غلطان . ثم يقول زيدان ها وشو في يا مختار؟ يُعدل المختار من جلسته ويسحب على سيجارة الهيشي لينفث الدُخان من منخريه وفمه في آن واحد وقال : في سولافة صار لي فترة بلوك وبعوس بيها لكن والله ما أني عارف شلون بدي أسوي . فيجيبه عبود دقيّق المجوز قائلاً : يا أبو طايل شلشت بالنا إحتشي ترانا كُلنا تحت أمرك .

يعود المختار للتململ ويقول : مثل ما بتعرفوا أني داري مفتوحة للصغير قبل الكبير وأني أبوكوا وأخوكوا لكن حابب يكون واحد منكوا سند إلي ويريحني وينوب عني يومني أخطر عالمدينة أو يومني أبقى تعبان وبدي أنقي واحد منكوا لكني محتار من خوف ما يزعل الباقي عليّ . فيرد عليه رسمي أبو الضباع قائلاً : هاي بسيطة يا أبو طايل بنطيّر الحصوة بيناتنا وهيتش ما حدى بزعل منّك .

بعد التشاور والتداول قرر المختار عمل إقتراع بسيط وسريع ليتم إختيار نائب له فقال لحفيده محسن : هو يا جدي تشان معك سفينة خلقة (دفتر قديم) وزّع منها قصاقيص ورق على إعمامك وأكتب لكل واحد الإسم إللي بنقلك إياه (كون معظمهم أُميين ) بإستثناء رسمي أبو الضباع الذي قرر أن يكتب الأسم بنفسه كونه يقراء ويكتب . فعلاً تم تلقين محسن من قِبل كل واحد بإستثناء رسمي الذي تولى المهمة بنفسه .

مقالات ذات صلة

جمع محسن الأوراق ووضعها أما جده الذي قال له : هو يا جدي إقرا وشو بهالورقات . فعلاً بدأ محسن بعملية الفرز وكانت النتائج صادمة للجميع . فقد جمع محسن سبع ورقات بعدد الرجال وكانت النتائج كالأتي :-
مفضي المقحمش صوت واحد
ثلجي الزقطة صوت واحد
عبود دقيّق المجوز صوت واحد
زيدان الأفتشح صوت واحد
عبدالله الإقطم صوت واحد
سالم الدعدورة صوت واحد
رسمي أبو الضباع صوت واحد
مع العلم أن إحدى الأوراق كادت أن تُلغى حيث جميع الأوراق كُتبت عليها الأسماء كون محسن تولى تدوينها بإستثناء ورقة رسمي أبو الضباع فقد كان مكتوب فيها كلمة (أني).

النتائج لم تُعجب المختار ولا حتى المرشحين أنفسهم فكل مُرشح كتب إسمه . وهنا عادت الحيرة للمختار ومن معه , ولكن محسن بفِطنته وذكائه إقترح على جده أن يأخذ رأي غالبية أهل القرية وبذلك تكون الإنابة لمن يحصل على أصوات أكثر , رد مثقال قائلاً والله فكرة لكن شلون بدي أوخظ رايهم ؟ فيجيبه محسن على الفور : بعد صلاة الجمعة بالجامع الكل ببقى موجود يا جدي . لتنهال بعد هذا الإقتراح عبارات المدح على محسن من الجميع كيف لا وقد وجد لهم حل يُرضي الجميع.

بقي ليوم الجمعة خمسة أيام ليتم أخذ رأي الغالبة لتحديد من سيكون نائب المختار . عبدالله الإقطم (الدكنجي) قرر أن يستغل هذه الفترة وراح يتودد من زبائنه بعبارات الترحيب المعسولة بالإضافة لعرض خدماته على الزبائن مثل التقسيط المريح جداً وفي بعض الأحيان كان يلجأ لشطب بعض الديون ليكسب ود أصحابها … أما عبود دقيّق المجوز أشاع بين الناس أنه جاهز لأن يُحي حفلات الأعراس والتعاليل والطهور ومن تحقق نذره وبلا أي مقابل … رسمي أبو الضباع بدوره كان كلما التقى بأحدهم يقول له : إسمع تا أحتشيلك ترى أول ظبع بصيده إعتبره ليك … وزيدان دخل المنافسة فقد كان يعرض على الأخرين وخصوصاً ممن يمتلكون قطع أراضي وعرة بأن يحرثها بواسطة تركتره … مفضي المقحمش والمعروف عنه أنه لا يضحك للرغيف السُخن ها هو يلاقي الصبية مع إبتسامات عريضة وأحيانا كان يوزع عليهم مخشرم وتشعتشبان مجانا ليتم إيصال هذا العمل الخيري للأهل … سالم الدعدورة وثلجي الزقطة أيضاً كانا يتوددان للناس كُل حسب إمكاناته المادية والمعنوية.

جاء يوم الجمعة وبعد إنتهاء الصلاة وقف المختار على باب الجامع الخارجي بالإضافة للرجال السبعة وراح يسأل كل من يخرج من الجامع وبشكل علني ليتفاجأ مرة أُخرى من إجاباتهم التي كانت في غالبيتها توحي له بأن أهل القرية غير راضين عن فكرة نائب للمختار ومن هذه الإجابات مثلاً ” وشو بدك بوجع هالراس يا مختار …. أو من وين طلعتلنا بهالسولافة يا مختار … أو العب وحدك ترجع راظي … أو هاي سوالف معثثة وطرمة يا أبو طايل ” .

في النهاية وبعد خروج الجميع من المسجد لم يبقى سوى مثقال وحفيده محسن حتى المرشحين لم ينتظروا للنهاية بعدما أيقنوا أن العملية برمتها باءت بالفشل ولم يتحقق لأي منهم ما كان يصبو إليه .

مشهد بسيط لعملية إنتخاب نائب واحد جعل المختار يصرف نظره عما كان يريده من راحة بال له وبنفس الوقت إيجاد شريك يساعده ويخفف عنه عبىء المسؤولية .

هسع دشرونا من المختار وجماعته ووجع الراس , بدي أحتشيلكوا شغلة مُهمة ترى بي جماعة عزموني على أكلة مقدرة وطلعت يا طويلين العمر مجدرة … بس بتدروا عليّ الطُرباش يا بيييييي ما أطيبها.
رائد عبدالرحمن حجازي

13879429_664833420358820_1046006713531075733_n

14040034_664830627025766_8396979619787283948_n

14095966_664830353692460_2254500233010921355_n

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى