إمْــبرَاطُورِية التاكْسِي الأصفَـــر وحَرب البَســـوس الحُكُــومّي / فداء العبادي

إمْــبرَاطُورِية التاكْسِي الأصفَـــر
وحَرب البَســـوس الحُكُــومّي
جزء (2)

فداء العبادي

لم يكن الروائي والأديب الفرنسي “فيكتور هوغو” في روايته الشهيرة (نوتردام باريس ) أو كما هي معروفه (أحدب نوتردام )- التي تدور أحداثها في باريس نهاية القرون الوسطى , حول مساوىء النفس البشرية من حقد وغيرة ونظرة دونية واستعلاء – أنها ستصبح تصور واقعي “لسائقي الاصفر ” في العاصمة الاردنية عمان بدلاً من العاصمة الفرنسية باريس .

ففي روايته, كان (كوازيمودو ) البطل, منبوذ مجتمعيأ لقبح منظره , وعنف سلوكه المنعكس من سخرية مجتمعه لمظهره الخارجي , متغافلين عن جوهره الداخلي الذي كان يفيض “جمالية”,لِيُظهر لنا (هوغو ), جانب مجتمعي مظلم لِمساوىء النفس البشرية .

أما في مجتمعنا , فإن بطل الرواية ليس (كوازيمودو الفرنسي ) إنما ( كوا-زي-مو-دو الاردني) سائق الاصفر , الذي تم تأطيره في لوحة فنية من الطراز الكلاسيكي على أنه اسوأ افراد المجتمع سلوكيأ واخلاقيأ , متناسين أن هذا السائق قد يكون ( أبًا ,أخًا , أبن عم أو من أحد الاقارب او الجيران ) , متخذين من السلوك الفردي لأحد السائقين قاعدة يتم تعميمها على جميعهم , على الرغم من أن مجتمع (الاصفر ) يمثل إمبراطورية متكاملة .

مقالات ذات صلة

فلو قمنا بإعادة ترتيب تسلسلي من حيث الفئة العمرية , التعليم ,الاصل العائلي .. الخ . لوجدنا تكامل يشمل كل فئات العلم ( بدءأ من توجيهي أو ما قبله مروراً بإنقطاع عن كلية او جامعه وانتهاءا بمن يحمل شهادات بكالوريس ) .

أما الفئات العمرية , فما بين شاب في مقتبل العمر وكبيرأ انهكه الدهر, هنالك عمر بين الاثنين هو عمر العطاء والجهد .

وفيما يتعلق بأهم نقطة وهي (الاصل العائلي والعشائري) لسائقي الاصفر , فلا اعتقد ان احداً منهم “كائن فضائي ” ,فجميعهم بلا استثناء لهم (أصل وفصل وعشيرة ) .

_أخلاقيات سائق الاصفر ونظرة الشعب_
لا بد ان أنّوه , بأنني لا أتحيز لأي طرف , ولا” ناقة لي أو جمل” في مقالاتي عن (الاصفر ) إنما كلمة حق لم تجد من ينصفها , ولم أجد الاقلام التي تناولت آلام هذة الفئة وآمالهم , ولم يدرس طبيعة عملهم دارس , أو ينقّب عن حياتهم باحث ,رغم أنهم شهود واقعيون على أدق تفاصيل المجتمع بحكم عملهم الذي يمر عليه أنماط بشرية شتّى ,هم كنز حكايات ومنجم من المواقف اليومية .
لذلك كلمة حق تقال:” أن 70-80% من اخلاقيات السائق ليست إلا إنعكاس لتصرفات الراكب”
– فحين يسألك السائق الى أين ستذهب ؟ ليس لأنه مزاجي او لا يريد الذهاب لذلك المكان كما يعتقد الشعب , بل لأن الزحام الذي سيقضي فيه ما يزيد عن ساعه , لا يساوي المطالبة بباقي دينار لعداد قيمته 92 قرشاً مثلا – (نعم هو حق للراكب , لكن هنا تكمن “الاخلاق ” .
– وحين تجد مركبته غير نظيفة : قد يكون من سوء حظك كراكب في ذلك اليوم , او من استقلها قبلك بدقائق معدودة فلم يتمكن السائق من تنظيفها , فمسّماها (عمومي ) ولا تقتصر عليك وحدك . فالتمس العذر وهنا “الاخلاق ” .
– وفيما يتعلق بالمظهر الخارجي للسائق :
لا اعتقد أن شخصا أياً كان ,يخرج صباحاً من بيته دون ترتيب حتى وان كان لا يملك الا قطعة واحدة , فأن رأيتهم بإسوأ مظهر , لا تنسى أن يومهم قد يحفل بالكراجات (من زيوت وتشحيم وغيره ) . فلا يغرك المظهر وكن ذو (اخلاق ) .

وحين نقارن ما بين “الاصفر” والشركات المتغولة “كريم و اوبر” ,يكفينا احساس الثقة والامان في التكسي الاصفر , فالخيار لك اين ستجلس (في الامام أو الخلف ) ورونق لونها يزيل كل الالتباسات وفي كل الاوقات , خصوصأ لفئة الاناث .
أما خصوصي “اوبر وكريم “, فستبقى في حالة تأهب انعكاسي مصدره السائق ,بسبب خوفه ان يلقى القبض عليه , فهي شركات الى الان لم تُمنح الترخيص الكامل , ولم تَمنح سائقيها ما يضمن حقوقهم وحقوق مركباتهم في حال المخالفات او الحجزاو الحوادث , فلا ضمان ولا مقر ولا تأمين لهؤلاء السائقين الذين تجاوز عددهم عشرة الاف سائق , مما يجعلنا
*نطرح سؤال , كيف تُأمن على نفسك وعائلتك بسيارات خصوصي غير مرخصة ؟
ناهيك, عن تحكم السائق في مكان جلوسك , ما بين (اقعد ورا , تعال قدام – تحديدا الاناث ) خوفا من القبض عليهم , يجعلك تعيش شعور (المطلوب امنيا بتهمه التهريب ) . بالاضافة الى الاجرة التي تعادل 4 اضعاف أجرة الاصفر , على الرغم من الارباح التي تجنيها كل من
-اوبر: ما يزيد عن 20 مليون دولار اسبوعياً.
-كريم: ما يقارب 60 مليون دولار اسبوعياً.
فلا تغرّنك المعلومات الواردة في تطبيق كريم واوبر عن سائقيها , فخيارات التبديل بينهم متاحة.
الحديث يطول والتفاصيل كثيرة , ومن تقارنه” بسائق الاصفر اليوم – ربما كان في الامس سائقا لها “.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. يكفي الاحترام الذي تلقاه من معاملة سائقي كريم و اوبر…
    التكسي الاصفر انتهت صلاحيته… لعدم كفاءة معظم العاملين به

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى