إضاءةٌ على المشهد في الأردن / د . سمير أيوب

إضاءةٌ على المشهد في الأردن

الأردن وطنٌ يتسعُ لِكل بَنيهِ
على وقع الورقة النقاشية الأخيرة لسيد البلاد ، أقرأ متبصرا في كتاب الوطن وفي خنادقه ، فأجد أن من الضرورة بمكان ، تذكير كل من لا يزال من الرسميين بحاجة لتذكير ، ان الولاء للوطن تحديدا ، لا يُؤتى بِغِلٍّ او بسيفٍ شديد . بل تأتيه العقولُ والقول السديد والفعل الرشيد . وأن اهمس في الوقت ذاته ، لنفسي ولكل شريك في الوطن :
لا يَهمني إن اعتمرت غطاء لرأسك كوفية ، اوعمامة ، أو قلنسوة او طربوشا اوحتى برنيطة ، حوافُّ اي منها افرنجية كانت او بلدية التشذيب والتهذيب والتهديب . ولا يهمني بالطبع بأي لون جمالي من الوان قوس قزح صُبغت . فكل الألوان جميلة ، انتقاؤك لاي منها ، شأنٌ من شؤونك الضيقة الخاصة . أقف على مسافة واحدة من جمالياتها ورمزياتها ، بلا محاباة او تمييز .
ولا يهمني يا رعاك الله ، ان كنت خريج الجامعة الأردنية ، او العربية ، او اليسوعية او الإسلامية او الأمريكية او جامعة باتريس لومومبا في موسكو .
أو إن كنت ما تزال مجتهدا في الرأي ، أو اغلقت على عقلك أبواب الإجتهاد ، وحرمته نعمة التفكير والتدبر والتدبير . تلك تفاصيل بهاراتٍ ومكياجاتٍ ونكهاتٍ فلسفية ، لكل منا له فيها أسبابه .
لا يهمني ان كانت ميولك الرياضية فيصلية او وحداتية او برشلونية او زملكاوية . او إن كنت ممن يطربهم ويُشجيهم ، تنويعاتُ سميرة توفيق ، او عمرعبد اللات او محمد العساف ، او سلوى او عبده موسى ، او كوكب الشرق ، او مطرب الجيل ، او فهد بلان او قيصر العصر او مارسيل خليفه او الشيخ امام او ابو بكر سالم بلفقيه او طلال المداح .
او إن كنت ممن يبتسمون أويقهقهون ، في حضرة الرائع سمعة (موسى حجازين ، الكركي تجميع الخليل على رأيه ) ، او الثنائي المبدع ا نبيل صوالحه وأمل الدباس ، او عادل امام ، او فاطمه حيص بيص أو حسين عبد الرضا .
ولا يهمني ، لو كان شاعرك هو عرار ، او حيدر محمود ، او حافظ ابراهيم او الأخطل الصغير او مظفر النواب او تميم البرغوثي ؟ أو إن كنت من متذوقي أدب ، غالب هلسه او رشاد ابو شاور او تيسير السبول او صبحي الفحماوي او مؤنس الرزاز ، او الرائع محمود الشمايله .
لا تهمني ثروات العائلة الكريمة ، أو حسبها او نسبها . ولا إن كان والدك تاجرا أوصانعا أو حراثا أومرشدا سياحيا او حتى من عمال الوطن.
وبالتأكيد لك ان تطمأن ، أنه لا يهمني بالقطع ، إن كنت من الشرق او من الغرب ، او من القوقاز او الشيشان ، او بلاد تركب ألأفيال . او انك تصل بأصولك الى عدنان او قيس او مضراو تغلب او تميم او بني كلاب او بني كعب . فتلك تفاصيل بصمتك المدنية ، لا املك حيالها ضُرّاً ولا نَفْعاً .
اعشق منسفك وأتلذذ بمقلوبتك . وتذكرانني من متذوقي المطازيز والمكبوس والبرياني والملوخية بالأرانب . وأضعف كثيرا امام التبولة وسمك المسقوف . واضطر لكسر حميتي امام الكبة الموصلية او الحلبية . تبا للسفهاء من المرجفين من حولي ومن حولك ، فتلك مذاهب فردية في التذوق .
المهم مواطنتك التي لا تنتج ارهابا ، ولا تهادن سيفه او كَلِمَه . حتى لو قيل لك إنه بإسم الرب وللرب مُهدى . فرب كل الناس ، رحمن رحيم غفور ، وإن كان شديد العقاب . ومن المؤكد انه لم يفوض سلطاته لأي ممن نعلم اليوم من خلقه .
المواطنة المقننة هي المعبِّر الحقيقي ، عن حبنا لوطننا الذي به نعتز. إعلانات الولاء والتفاني للأردن ، تبقى مجردة ونظرية ، في غياب الإحترام المطلق ، لك ولي ولها ولهم ، وللقوانين والتشريعات المدنية ايضا .
إن مسؤولية تطبيق وإنفاذ سيادة القانون ، بمساواة وعدالة ونزاهة ، تقع على عاتق الأذرع الإستراتيجية السيادية للدولة دون إستثناء . مبدأ سيادة القانون وقيم المواطنة الكاملة والإيجابية الفعالية ، لا يمكن لها أن تُمارَس بانتقائية او بمحاباة او تغول .
لتعيش وطنك مع كل شركاءك ، وكي لا ترثي احلامك فيه يوما ما ، لا تكتفي بالتغزل به . بل ثق بأن الأردن مع شُحِّ موارده ، وطن يتسع لكل بنيه . وعلى قدر عملك الشرعي ، يتسع لك الوطن . وتذكر ان من يفسد الأوطان ، هم الذين يظنون بلا وجه حق وبالإغتصاب ، انهم وحدهم الحريصون ، ووحدهم المصلحون ، ووحدهم المعصومون .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى