إصلاح المنظومة التربوية ، أمل ننشده مع كل تعديل وزاري / عبدالرحمن ياسين

إصلاح المنظومة التربوية ، أمل ننشده مع كل تعديل وزاري .

عبدالرحمن ياسين

علمنا جميعا أن التعديل الوزاري لحكومة الملقي شمل وزير التربية والتعليم الدكتور محمد ذنيبات ، والذي كان مثارا للجدل طوال فترة وجوده في الوزارة .

أتى محمد الذنيبات إلى الوزارة رافعا شعار الإصلاح ، وحاملا العديد من الأفكار، والتي استطاع إزالة كل العقبات التي تحول دون تنفيذها ، فقام بضبط الخلل الموجود في ادارة امتحان الثانوية العامة وأحدث فرقا واضحا وحقيقيا في هذا الملف ،وكذلك بدأ بمشروع ضبط الدوام في المدارس من خلال كميرات المراقبة وأجهزة البصمة ، وهذا المشروع تم إنجاز الجزء الأكبر منه ، هذه المشروعات أذكرها كنموذج عن مشروعات الذنيبات التي “أحترمها لحد معين” ، إلا أنها لا تعبر عن سياسة إصلاحية بقدر تعبيرها عن سياسة قبضة حديدية .

مقالات ذات صلة

لا شك أن إصلاح المنظومة التربوية أمر غاية في الصعوبة والتعقيد ، فهو يحتاج لإرادة سياسية حقيقية بداية ، ومن ثم تكاتف الجهود والطاقات لإنجازه ، فليس من العدل تحميل الذنيبات أو أي وزير آخر المسؤولية بشكل منفرد ، بل إن المسؤولية تقع على الجميع بما فيهم نقابة المعلمين والمجتمع والقيادات التربوية، وعلى الجميع أن يساهم في تقديم التصورات والمشاريع والمقترحات وأن يشارك في تنفيذها ، ومن هنا ومع قدوم الوزير الجديد وكفرد من أفراد المجتمع، سأحاول تقديم إسهام متواضع وأضع يدي على بعض الإختلالات الكبرى التي توثر سلبا وتؤخر العملية التعليمية.

أولا..سأبدأ بأهم عنصر من عناصر العملية التعليمية وهو المعلم ، المعلم الذي فقد مكانته المجتمعية ، وما كان يتمتع به من تقدير واحترام في سنين مضت ، وهذا الأمر يعود لعدة عوامل أبرزها الدخل المتدني الذي لا يوفر له حياة كريمة ترتقي لحياة بعض تلاميذه ، وكذلك القوانين العبثية التي قيدته وجعلته يقف أمام تلميذه في المحكمة كمتهم لأبسط الخلافات ، وأخيرا بعض المعلمين الذين أساؤوا للمهنة ولزملائهم وهم قلة ، فكيف لمعلم منهك ماليا ومهدد بالحبس في أي لحظة أن يقدم ويبذل ويخلص في البذل .

ثانيا. المعلم في الأردن يمضي سنوات دراسته الجامعية دون أن يمر على أي مساق يتطرق للعلوم التربوية وأساليب التدريس ورسالة المعلم ، وكذلك لا يخضع لأي تدريب يذكر ، فيبدأ بممارسة التعليم دون أي خبرة أو معرفة لأساسيات المهنة، وإنما يبدأ باكتسابها لاحقا بعد أعوام من التجريب بأبناء الوطن ، والبعض قد ينهي خدمته دون أن يكتسبها .

ثالثا. النظام الوظيفي الذي يحكم المعلمين في وزارة التربية نظاما بائسا ، فهو يساوي بين كافة المعلمين صالحهم وطالحهم ، ولا يعتمد فعليا إلا على عدد سنوات الخدمة كمعيار للترفيع في سلم الدرجات غاضا الطرف عن معايير الكفاءة والبذل ، وحتى سلم الدرجات هذا أصبح شكليا لا يبنى عليه إلا زيادة محدودة على الراتب ، فهذا النظام يخلو من أي حافز حقيقي يدفع المعلم لتطوير نفسه والإرتقاء بقدراته ولا يوفر بيئة تنافسية بين المعلمين .

رابعا . من أبرز أخطاء المنظومة التربوية إغفال جوانب التميز المتعددة عند الطلبة والتركيز على الجانب الأكاديمي التحصيلي ، فالمطلوب من المنظومة التربوية أن تساهم في اكتشاف جوانب التميز عند الطالب بكافة أشكالها وأن ترعاه وتقدم له كل ما يحتاجه لسقلها .

خامسا . نحتاج أن نفكر بشكل معمق بكل تفاصيل العملية التعليمية من وسائل وزمان ومكان ومنهج ، وأن نحدث فيها تغييرات جوهرية مدروسة ، وهناك العديد من التجارب الناجحة في العالم يمكن أن نستقي منها ونحاكيها ،

مؤكد أني كفرد لن أستطيع حصر كافة الإختلالات ومعالجتها في مقال واحد فالأمر يحتاج لدراسات معمقة ، ومؤتمرات متخصصة ، ولكنه وكما قلت إسهام متواضع آمل أن يبنى عليه .

والسلام

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى