إذا أردنا..

مقال الاثنين 17-4-2017
النص الأصلي
إذا أردنا..
ليس تشاؤماً ولا سوداوية ، ولكن هو واقع الحال لمن أراد أن يقرأ الحال ويهمّه التغيير وبقاء الدولة واقفة على رجليها وتتطور..أما من لا يهمّه الأمر يستطيع أن يقفز عن هذا المقال أو يطوي الصفحة!.
كل من يدخل مؤسسة حكومية أو شبه حكومية فإنه يشتمّ رائحة “الزهق” والحنق والقرف من قبل الموظفين، وانقطاع واضح في خطوط التواصل بين طبقات الإدارة ،وبالتالي عدم الانتماء للمؤسسة ولا للعمل بها متمنين فشلها أو إفلاسها في أقرب وقت وقد سمعت ذلك بأذني!…
هذا الجو العام لمعظم مؤسسات البلد، الموظفون لا يبتسمون، يتأففون، محبطون من التغيير، يشعرون بظلم كبير بسبب تداول المناصب او تدويرها بين فئات محددة من الطبقة التي أخذت “وسم” الولاء والتسحيج والرضا..وبالتالي الوضع من سيء إلى أسوأ، والأداء في تراجع والنكوص تحصيل حاصل…
السبب؟!! لأن جل إدارات المؤسسات الحكومية الكبرى والوزارات هي “كوتات” ارضائية ومحاصصة لا دخل للكفاءة ولا للحماس فيها ، الوزير يخرج بتعديل ويدخل بتغيير، ثم يخرج بتعديل ويدخل بتعديل..وإذا خرج يوضع رئيساً لمجلس إدارة شركة أو مؤسسة لا يفقه في طريقة عملها شيئاً، التعيينات تدوير في تدوير ولا يوجد نية لإنتاج جديد…إذا كوب البلاستيك إن أعدت تدويره مرتين يفقد في كل مرة خواصه الأولى وتركيبته وكفاءته فكيف بالمسؤول الذي يفهم بكل شيء حتى لو سلّموه رئيس مجلس إدارة وكالة ناسا فإنه سيرضى بها من باب الوجاهة ويفتي بكيفية تطويرها منذ اللحظة الأول لجلوسه على الكرسي..
لو كان هناك نية صادقة لتطوير الأداء العام ، لو كان هناك نية جادة لتطوير الدولة والقفز بها إلى مصاف الدول الراسخة في الإدارة التي تخضع للمحاسبة والمكافأة لأُعدّت دراسة بسيطة على المؤسسات المتعثرة والوزرات “النايمة” والمديريات التي “تقضي وقت” والهيئات المستقلة التي مثل الزوجة المدللة همها الأول المصروف الكبير والبريتسيج العالي وآخر همها الإنتاجية..وتم قياس سبب التعثر..لاكتشفنا بكل سهولة أن رأس الهرم للمؤسسة الذي أعطي إدارتها كجائزة ترضية أو حصة لعشيرته او منطقته او أصوله هو الذي دمرّها بسوء إدارته..بينما الكفاءات المتخصصة وتصل الليل بالنهار في سبيل إنجاح المؤسسة القائمة عليها ممنوعة من استلام المنصب، والطريق الوحيد المتاح لها هو “طريق المطار” والهجرة من البلد..
التعيين الأخير في صندوق الضمان الاجتماعي لم يخرج عن العرف الأردني في مرضوية الآباء ومكافأتهم إلى الأبد بأبنائهم وأبناء أبنائهم وأبناء أبناء أبناء أبنائهم في تعيينهم بمواقع ليس لديهم لا الخبرة ولا الأحقية يها..بينما رموز الكفاءة يحرمون مع سبق الإصرار والترصّد من تقديم خبراتهم بهذا المجال..ثم يأتي الناطق باسم الحكومة ويبرر انتقاد التعيينات الأخيرة ويقول : ” أعضاء صندوق الضمان الأخيرة لم يعينوا لأنهم من الذوات”..بصراحة مثل هذه التبريرات هي التي “خرّبت البلد”!!…
إذا كنا نخاف على وطننا حقاً، إذا أردنا دولة قوية وناهضة ومتطورة علينا ان ننحّي المجاملة والترضية جانباً ونركّز على الكفاءة نبحث عنها أينما وجدت ونشجعها…علينا أن نوقف هذا التخلف المزمن والمتراكم الذي يميز بين “دم نقي” و”دم غير نقي” في الوظيفة العليا..علينا أن نوقف هذه الصبيانية التي تعتمد على “الولاء” أكثر من الكفاءة والطاعة أكثر من الإخلاص في العمل..فأولى قذائف تدمير الدول هي “تعيين الشخص غير المناسب في قمة الهرم” ..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. انت تريد وانا أريد .. والحراث ابن الحراث يريد .. لكن الحكومة تفعل ما تريد … ومهما حاولت ان تعترض لا يحق لك ان تزيد اكثر عن الخط المسوح لك بالتحدث فيه والا ستتهم بأنك تريد تخريب البلد .
    كفاءات يتم تفصيلها حسب أهوائهم ليلبسوها احد المناصب … القماش والخيطان والماكينة والمخيطة كلها من الشعب .. اما المخرجات فهي ذات برستيج لا يصلح الا للمناصب المهمة .. كفاءات درست وسافرت واخذت شهاداتها من مال الشعب . حتى تتحكم في نهاية الأمر بمال الشعب .. ومال الشعب في يد من لا يرى الشعب

  2. قد اؤيدك سيدي بخصوص تدوير المناصب العليا وتوريثها ولكن في التعيينات الاخيرة في الصندوق المذكور فقد تم تعيين شخص مناسب في مكان مناسب من وجهة نظري الشخصية فهو موظف في احد البنوك الخاصة وانا اشهد انه شخص يحب العمل جدا واظن انه لو اخذ فرصة فانه سيبدع.

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى