إحياء الملكية الدستورية / سهير جرادات

إحياء الملكية الدستورية

سهير جرادات

اقتربت ساعة الصفر ، واشرفت مهلة المائة يوم التي منحها معتصمو الدوار الرابع لحكومة الرزاز على الانتهاء، بعد أن اسقطوا حكومة الملقي التي أصرت على رفض سحب قانون ضريبة الدخل .

انتهاء المهلة الشعبية يتزامن مع افراج حكومة الرزاز عن مسودة مشروع القانون المعدل لضريبة الدخل لسنة 2018، والذي بدأت القطاعات تتباحث بنوده، وتتدارسها، ومقارنتها مع قانون الملقي الضريبي ، ليصار إلى تحديد موقفها من القانون، واتخاذ الخطوات اللاحقة في حال عدم الاستجابة للتعديلات، والملاحظات التي ستتقدم بها هذا القطاعات .

مقالات ذات صلة

العودة إلى الشارع مرة أخرى ، هي الطريق، أو السبيل الوحيد ” لجماعة الرابع ” في حال أصرت الحكومة على رفض تعديل بعض بنود القانون، وتصميمها على الصيغة التي تقدمت بها ، وفي هذه المرة لن تكون العودة للمطالبة باسقاط الحكومة فقط، على غرار المرة السابقة التي حصرت مطلبها برحيل حكومة الملقي ، بل ستكون هذه المرة أشد وأبلى بعد أن ثبت بأن رقعة أزمة الثقة مع الحكومات تتسع ، لأن المواطن يتملكه شعور بإن الحكومات تستخف به وتستهتر بمطالبه ، وتمعن بالاستمرار في رفع الاسعار وما يرافقها من فرض ضرائب ، إلى جانب ما يشعر به من ظلم وغضب، وسخط ويأس، جراء تفشي الفساد، وغياب العدالة .

العائدون إلى الشارع سيعملون على إحياء مطالبهم، وتجديدها في مسيرات عام 2011 ، المتمثلة بالعودة إلى دستور عام 1952 ، الذي نص على: إقامة “نظام ملكي وراثي برلماني” في البلاد، والغاء ال 29 تعديلا عليه ، والمطالبة بالملكية الدستورية ، وتشكيل حكومة برلمانیة منتخبة من الأغلبیة النیابیة، بالإضافة إلى محاربة الفساد، وإیجاد قانون انتخاب عصري، والفصل بین السلطات.

ولا يغيب عن بالنا أن أول من أفصح عن الملكية الدستورية ، هو الملك عبدالله الثاني خلال تصريحات صحافية للاعلامية “دو سيت “من هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية (بي بي سي) في 15 – 11- 2011 ، إذ قال حرفيا ،بعد أن وجهت( دو سيت) له سؤالا: “أنت تعلم أنك كملك لديك سلطات غير مقيدة ، فأنت تعين رئيس الوزراء ولديك صلاحية حل البرلمان ، ويبدو أن المتظاهرين يطالبون برئيس وزراء منتخب، كما يريدون تقوية دور البرلمان، ويريدون مَلِكا بسلطات مقيدة. فهل تقبل بذلك؟” ، فجاءت اجابته:” انه تعلم من والده أن يتواصل، ويستمع لما يريده الناس ” ، وأن : “الملكية في الاردن ملكية دستورية ..

و لا املك سلطة مطلقة ” ، وأكد في مقابلة اعلامية أخرى لمجلة ” ذا اتلاتنكس ” الأمريكية عام 2013 ، أنه :” يرى ابنه يحكم الاردن بملكية دستورية “حين يصبح بعمر الحكم” ، دون أن يحدد العمر ، إلا أنه ربطها بمرحلة التعديلات التشريعية، وصولا إلى مرحلة “تعديلات دستورية ” تحد من سلطات الملك، وتحول الاردن للملكية الدستورية ، كما شدد في تصريحه – بحسب الخبر الذي تناقلته وكالة الانباء الرسمية، شدد على :”إنه ينوي تحويل الأردن إلى النظام الملكي الدستوري “على الطريقة البريطانية” ، مفصحا عن :” “أمله بأن يخلفه ولي عهده الأمير الحسين في بلد مستقر وديمقراطي يتبنى نظام الملكية الدستورية”.

وفعلا هذا ما حاول الملك تطبيقه من خلال افساح المجال أمام رؤساء الوزراء، باستمرار عمل حكوماتهم لمدة أربع سنوات ، ولكن مع الاسف لم تكن مُنتَخبة ولا تمثل حكومات برلمانية ، مما يعني أنها تخالف الملكية الدستورية القائمة عل تشكيل حكومات من قبل الاغلبية النسبية في برلمان قائم على التمثيل الحزبي .

الاستجابة الملكية للضغط الشعبي ومطالباته خلال مسيرات الربيع العربي ، تمثلت في تشكيل لجنة ملكية لمراجعة نصوص الدستور للنظر في أي تعديلات دستورية ملائمة لحاضر ومستقبل الأردن ، إلا أن اقتراح الملكية الدستورية شهد ردود فعل حادة من الموالين للنظام، والسياسيين من الحرس القديم ، إذ لم يتم التقاط الرسالة الملكية من قبل ” رجال حول الملك” ، الذين للاسف بعضهم لا يصدقونه الرأي، وهم يتزلفون له، ويشيرون عليه بتعديلات دستورية تمنحه مزيدا من الصلاحيات، ومن ابرزها تعيين مديري جهاز المخابرات والامن العام والدرك والجهاز القضائي من صالحه، متجاهلين أنها تخلخل علاقته بشعبه.

وعلينا أن نتذكر تلك الجلسات التي عقدت بعد فترة الربيع العربي، وضمت سياسيين وقانونيين ( لاحياء دستور الملك طلال 1952) .

الآن ، اتضحت الصورة ، المتثملة بمنشورات تطالب بعصيان مدني لرفض قانون الضرائب ، اضافة الى تلك التسريبات التي تطلق من بعض رجالات السلطة أو العاملين السابقين أو الحاليين في أجهزة الدولة شديدة الحساسية، والتي تروج للدستورالام ( دستور 52) ، الذي نص على:” أن نظام الحكم في الاردن هو ( نيابي ملكي وراثي )” ، وهنا يجب تأكيد أن هذا المطالبات يجب أن تترافق مع برامج عمل محكمة ، إلى جانب الاستعداد، والتهيئة للانضواء تحت راية العمل الحزبي.

Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى