أين حقي / سهير جرادات

أين حقي
أين حق المواطن ، عندما يطلب منه انجازمعاملات لا يعرف ما المطلوب منها !
ويمضي سحابة يومه متنقلا بين الطوابق ، من مكتب لآخر ، بحثا عن موظف ينجز معاملته ، وبعد أن يحمد الله أنه عثر على الشخص المطلوب، تبدأ معاناته في البحث عن إجابة لسؤاله الوحيد : ما الأوراق المطلوبة ؟ ليفاجأ بموظف يمارس أحقاده عليه ولا يعرف السبب ، ربما لضآلة راتبه ، أو لسخطه على شبكة المواصلات، التي لا تلبي الاحتياجات فقط ، بل هي “مخزية ” ايضا .
يصب الموظف جام غضبه ، لأن حقه الوظيفي مهضوم وسط تفشي الشللية والمحسوبية ،أو أنه في حيرة من أمره، لأنه لا يعرف من أين سيتدبر ايجار المنزل ، ومصاريف المدارس وتوفير الأقساط الجامعية التي يتزايد حملها ،لأبنائه الذين جدوا واجتهدوا ولم يفلحوا بالحصول على مقعد جامعي إلا بالموازي ، إلى جانب توفير تكاليف العلاج للزوجة والأبناء ، أو للساعات الطويلة التي يمضيها في مراجعة المراكزالطبية والمستشفيات بحثا عن علاج، غير متوافر ، أو شبه مجاني.
أين حق المواطن؟ بعد أن يحصل بشق الأنفس على اجابة شبه واضحة لسؤاله ،حتى يتنفس الصعداء ، للبدء في تجهيز الأوراق المطلوبة ،ليواجه بأسلوب استفزازي يطلب منه تجهيز أوراق جديدة ، في الغالب ما تكون بحاجة إلى مسلسلات من المراجعات المكتبية للعديد من الدوائر الحكومية والمؤسسات المختلفة.أي حق المواطن؟
وهو يحمل الأوراق المطلوبة،وكأنه يحمل مفاتيح النصر ، وما إن يلج إلى الدائرة المعنية حتى يعود إلى الدوامة نفسها ،والمعاناة ذاتها، وهو يبحث عن أسماء أشخاص لا عن مسميات وظيفية ، وتجده يتجول وهو يبحث عن موظف في مكاتب لا تحمل لوحات ترقيم ،ودون قوائم لأسماء الموظفين ، الذين يتقاذفونه بين المكاتب :” شوف فلان” .. “وأبحث عن فلان بين المكاتب” ، ويبدأ بمرحلة تلقي الأسئلة : من قال لك أن تحضر هذه الورقة؟!، لماذا لم تحضر الورقة الفلانية ؟ وأين توقيع الجهة الفلانية ؟ واخيرا : معاملتك أوراقها ناقصة.
أين حق المواطن؟ بعد أن أتعبته حركة التنقل من مكتب لآخر ، وهو يقع ضحية مزاجية موظف غير منتم ، يطلب منه احضار ورقة ،ويذهب لآخر يقول له :” لالا ..لا ترد ، اسمع مني ، هو شو بفهمه” …ومن الذي يفهم ، إذا كان الموظف لا يستوعب طبيعة عمله.وما إن تدور الدنيا بالمواطن سبع دورات ،وتخور قواه ، يكون محظوظا ، لو التقى أحد الموظفين وكان قريبا أو نسيبا له او معرفة لمعرفة، أو صادف أحد المتنفذين من المراجعين ليقدمه للموظف المسؤول المعني ، حتى تتغيرحياته ، وتتلون بأجمل لون ، وتبدأ التلفونات بين الموظفين :” له يا زلمه هذا قرابة “، “مشيها يا شيخ ، بتصير” ، “هونها يله عاد” ،”احسبها علي وحدة” !.
أين حق المواطن؟ من أن تكون هناك تعليمات مكتوبة ومطبوعة على المواقع الالكترونية لتلك الوزارات والدوائر والشركات التي تقدم خدماتها للمواطنين ، وأن تكون الأمور واضحة مثل وضوح الشمس ، أو أن تكون مطبوعة في مطوية أو منشور يوزع في تلك الجهات المعنية ذات العلاقة ، أو على أقل تعديل أن توضع على لوحة الاعلانات في واجهة كل دائرة تسهيلا على المواطنين ، حينها لن يكون هناك أي مجال للخطأ أو أن يقع المواطن ضحية لمزاجية موظف، قد لا يتقن عمله ، أو أنه في حالة نسيان تلازمه لظروف معيشية.
أين حقي كمواطن ، والعقلية السائدة تقوم على مبدأ : إذا نُظمت المعاملات بصورة سهلة ومرنة ، سنحد ونضيق من مساحة الفساد،ونحد من الواسطة والمحسوبية ، وهو الأمرغير المطلوب..
وتبقى الحقوق ضائعة !! ويبقى المواطن يتساءل عن حقه الضائع !!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى