أولاد هردبشت / يوسف غيشان

أولاد هردبشت

بعد فترة عقم طويلة ، قد يفرح الزوجان بمولود ، فلا تتسع الدنيا لفرحتهما وفرحة الأهل والأصدقاء .
وبعد إقامة الأفراح والليالي الملاح ، يتفرغ الزوجان للعناية بفلذة الكبد والروح والغدة المعثكلة .
تتم رعاية المولود بحرص شديد وبكرم أشدّ ، حيث يتم تسخير كامل مدخولات الأسرة لتدليل وتنفيذ طلبات الطفل الذي ينمو في جوّ من الأشخاص الذين يعتنون به ويحرصون عليه ويغفرون له جميع أخطائه وخطاياه وممارساته الفاسدة …!!
الطفل ينمو مدلّلاً على الأخير، ويعتقد أن من واجب الآخرين تنفيذ جميع طلباته ، فيكبر دلوعاً و(ينجلق) ع الأخير … وتكثر طلباته ورغباته وتتزايد تكاليفها وكلفتها ، سيّما وأنّه اعتاد على الأفضل ويطالب بأفضل الأفضل … !!
مثل هذا الطفل يُسمّى باللهجة الدارجة (ابن عوزة) أو (ابن العوزة) .. هو ابن العازة و الحاجة الشديدة له .. لذلك يقولون عن كلّ مدلل ومجلوق: ( مالك صاير مثل ابن العوزة ؟؟).
نعترف على رؤوس الأشهاد بأنّ البرلمان كان ابن عوزة بالنسبة لنا .. نحن الذين شِخنا قبل أن نشهد انتخابات نيابية .. بعد أن افتقدنا أيّة تجربة برلمانية حقيقية منذ عام 1956 حتى عام 1989، حيث بدأت التجربة البرلمانية الحديثة … بدأت جيّدة ثم شرعت في التراجع حتى وصلت لمرحلة ما قبل قبل 1989.
كان البرلمان ابن عوزة .. فدلّلنا السادة النواب ، ولم نحاسبهم ، ولم نراجعهم ، ولم ندقّق في تلك التناقضات الفاحشة بين ما قالوه في برامجهم الانتخابية وبين ما (لم يقولوه) تحت القبة، بين الوعود والممارسات.
دللنا النواب فانجلقوا ، وصاروا مثل شفرات (ناسيت) وحلقوا لنا ع الناشف أكثر وأكثر وأكثر.
لا أجيد صياغة القوانين ، لكني أعتقد أنّ من حق الشعب الحصول على آليّة لمحاسبة نائبه ونوابه كل سنة ، ولو على سبيل إجراء استفتاء حول أداء النائب دوريا .
هذا ما سوف يُحسّن من أداء النائب ، ويخوّفه من الرقابة الشعبية ، خصوصاً إذا كان ينوي الترشح لدورة قادمة .
إلى أن نتفق على طريقة لمحاسبة نوّابنا فسوف نبقى على أهبة المعاناة من أولاد العوزة.
من كتابي(هكذا تكلم هردبشت)الصادر عام2011

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى