أناسنا القدامى / باجس القبيلات

     أناسنا القدامى

تستوقفني وتستدرجني مطالعة بعض عناوين الصحف اليومية والمواقع الإخبارية في بلادي حول عمليات السطو والسلب والنهب من البنوك والمحال التجارية والمنازل في وضح النهار وحين قراءتها ينتابني شعور بالخيبة، ويتبادر إلى ذهني تصرفات الناس وسلوكياتهم قبل عدة عقود خلت وتوارت، فقد عاشوا في تلك الحقبة من الزمن حياة مرة صعبة مليئة بالبؤس والفقر والشقاء، ومع ذلك لم تدفعهم أهوال الدنيا إلى البطش والنشل والابتزاز رغم وجود المصارف المالية والأماكن التجارية في ذلك الوقت، بحيث ظلوا يؤمنون بمستقبل مشرق للإنسان دون محاولة العبث بالممتلكات العامة والخاصة .
وعندما أعود بذاكرتي إلى تلك الأيام وأتأملها مليا، تنسرح بي الأفكار لحظات وأهيم في آفاق الماضي مستعيدا صوره وأطيافه الجميلة، وأتذكر بدهشة عظيمة مليئة بالفخر والاعتزاز والدي المرحوم الحاج (أبو بسام) الإنسان الذي  عاش محبا محبوبا ومات راضيا مرضيا وهو يمارس التجارة زهاء ثلاثين عاما ونيف ولم يتعرض إلى عملية اختلاس أو سطو مسلح، والمدهش إذا أراد أداء الصلاة في المسجد أو قضاء حاجة في المنزل أبقى باب المتجر مشرعا وأسرع الخطى وهو عظيم الثقة بالنفس وبالناس .
 وتهيج بي الخواطر والذكريات وتشع في مخيلتي صور عديدة لن أنساها، تنم عن نعمة الرضا والقناعة والنفس الصافية التي تملؤها السكينة والمودة والإيمان بالحياة التي تزداد سوءا يوما بعد يوم بفعل البشر .
ولكن في الأعوام الأخيرة تغيرت سرائر الناس وأضحوا عبيدا للمال والخوف وكل يعمل من أجل نفسه، ولم يعد أحد يثق بقريب أو عشير أو صديق وود البعض بل يحرص كل الحرص أن يقتني مسدسا ويحشوه بالرصاص على الدوام وأن يحمله معه ليلا ونهارا، وأصبحنا نصيخ السمع كل يوم عن حادثة اختلاس أو استلاب، والمزعج أن معظم هذه المواقف السلبية تمخضت في شروق الصباح وفي سطوع الظهر وفي ضياء العصر وفي الأوقات كافة وكأن البلاد من دون حسيب أو رقيب !!

 

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى