ما الذي دعا الرئيس السادات إلى زيارة القدس ؟

ما الذي دعا الرئيس السادات إلى زيارة القدس ؟
موسى العدوان
يقول محمد حسنين هيكل في كتابه عواصف الحرب والسلام : ” أنه كان في إسرائيل شعور عام بالسعادة، على مستوى الناس العاديين لزيارة السادات إلى القدس، لكن كان هناك شعور بالحيرة لدى القيادة الإسرائيلية، فشكلت لجانا خاصة للإجابة على هذا السؤال وغيره. توصلت تلك اللجان إلى ثلاثة أسباب رئيسية للزيارة وهي باختصار :
1. الموقفان الاقتصادي والاجتماعي في مصر. فهناك من ناحية ضيق اقتصادي في البلاد، ثم أن هناك طبقة اجتماعية تريد أن تغتني بسرعة.
2. يأس الرئيس السادات من الوصول إلى حل للسلام يصل إليه عن طريق مؤتمر جنيف.
3. للضغط على إسرائيل بقوة الرأي العام العالمي، خصوصا في الولايات المتحدة، وقد أراد بخطوته هذه، إحداث أكبر قدر ممكن من التأثير الدرامي. والدليل على ذلك أن كان الرئيس كارتر شبه زيارة السادات للقدس بنزول أول إنسان على سطح القمر.

يقول موشي دايان في مذكراته : لقد راودتني دائما فكرة أن أوجه السؤال إلى الرئيس السادات نفسه. كنت دائما أتمنى أن أوجه السؤال إليه هذا السؤال مباشرة، وأن أسمع جوابه عليه. وقد سنحت لي الفرصة لذلك بعد ستة ونصف السنة من زيارة القدس. كان ذلك في الإسماعيلية يوم 4 يونيو 1979، وبعد أن تم توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. جئت إلى القاهرة لمقابلة الدكتور مصطفى خليل والدكتور بطرس غالي، لبحث تنفيذ معاهدة الإسماعيلية.

ثم أخطرني الدكتور بطرس غالي بأن الرئيس السادات يريد أن يراني، وأن طائرة هليوكوبتر تنتظرنا لنذهب إلى هناك. وبعد ساعة كنت معه وكان معنا نائبه حسني مبارك وبطرس غالي. وتحدثنا عن المعاهدة وقال أنه ملتزم بتنفيذها التزاما كاملا. وحين حاول حسني مبارك وبطرس غالي أن يخففا حدة اندفاعه قام بإسكاتهما. ووجدتُ الفرصة مناسبة لسؤالي الحائر وطرحته عليه، قلت له : قل لي بصراحة يا سيادة الرئيس لماذا جئت إلى القدس ؟ وبدا أن السادات سُعد بتوجيهي هذا السؤال إليه، وقد رد علي بقوله : موشي . . سوف أحكي لك الحكاية من أولها :

في البداية وعندما أصبح بيجن رئيسا للوزراء، لم أكن اعتقد أنه راغب في صنع السلام. ولكني أثناء زيارتي إلى رومانيا سألت تشاوشيسكو سؤالين : هل بيجن قوي إلى درجة تسمح له باتخاذ قرارات جريئة ؟ وهل هو مخلص في رغبته في السلام ؟ وأعطاني تشاوشيسكو ردا إيجابيا على السؤالين. وقال لي أنه أجرى مناقشة مع بيجن أخيرا دامت ست ساعات، وخرج منها بانطباع أنه قوي وانه مخلص.

وقلت للرئيس السادات : ولكن متى جاءتك الفكرة لزيارة القدس ؟ ورد السادات : عندما كنت فوق تركيا في طريقي من بخارست إلى طهران، كنت أبحث عن شيء يحدث موجات صدمة. تصورتُ أن أبناء عمنا الإسرائيليين يقولون دائما أن مشكلتهم معنا هي مشكلة أمن. وكان ممثلو القوى الكبرى يجلسون معا 24 ساعة كل يوم، ليأتوا إلينا بحلول لمشاكل الأمن الإسرائيلي. وقلت

لنفسي أنه من الأفضل أن نتصرف نحن وإسرائيل بأنفسنا. ومن إيران ذهبت إلى السعودية ثم عدت إلى مصر، وكانت الفكرة قد تبلورت في ذهني واتخذت قراري بالذهاب إلى القدس، وكان دافعي أن أحل مشكلة أمن إسرائيل “. انتهى
* * *
التعليق :

لا شك بأنه كانت هناك ضغوطا اقتصادية واجتماعية خانقة في مصر، خاصة بعد حرب أكتوبر 1973، والتي كلفت مصر أموالا طائلة، ولم تكن المساعدات من دول الخليج كافية لتغطية احتياجات مصر الاقتصادية والمعيشية. الأمر الذي دفع السادات للارتماء في أحضان إسرائيل وأمريكا، والتصرّيح بأن حرب أكتوبر هي آخر الحروب.

ولكن المأخذان الرئيسيان على الرئيس السادات، كانا بأنه لم يضع شروطا مسبقة لزيارته إلى القدس. إضافة إلى أنه لم يتشاور مع بقية الدول العربية، المعنية مباشرة بالنزاع العربي الإسرائيلي، للاتفاق على رأي موحد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى