أزمة مفتعلة / سهير جرادات

أزمة مفتعلة

بدا واضحا أن حكومة الملقي تحاول افتعال أزمة، أو تأجيج أزمة، والتي ظهرت بوادرها في مدينة الكرك على شكل كرنفال؛ يبدو كأنه قد أعد مسبقا، وليس وليد ساعته، اذ فتح وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء الدكتور ممدوح العبادي النار على حكومة النسور، متهمها صراحة بأنها المسؤولة عن مضاعفة المديونية من 13 إلى 26 مليار دينار خلال السنوات الأربع من توليها السلطة .
وكانت مطالبة وزير الدولة في برنامج “نبض البلد” الذي يعرض على قناة رؤيا، الشعب بالاحتقان على الحكومة السابقة، التي ضاعفت المديونية على البلد ، بقوله حرفيا :” وين الشعب المحتقن ؟! ليحتقن على الذي ضاعف المديونية، ورفعها 13 مليار دينار”.
وعندما قاطعه مقدم البرنامج الاعلامي محمد الخالدي، قائلا:” إن الحكومات هي التي رفعت المديونية” ، جاء جواب وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء الدكتور العبادي: ” هناك شخص سارق ، ويوجد المحترم ، وهناك شخص يقول الصحيح في وجهك رغم رضاك أو عدمه ، ويصدمك بالإعلان عن حزمة اجراءات إصلاحية ، وهي قمة ماهو مطلوب من الحكومة تحقيقه ، أن لا تنجح في الحد من تفاقم الوضع سوءا ، لتكون سعيدة لدى مغادرتها بهذا الانجاز”.
ولو رجعنا إلى المديونية وما شهدته من ارتفاعات ، نجد أنها منذ عام 2003 ولغاية 2008 كان الارتفاع أعشارا ، وبقيت تراوح عند سبعة مليارات ، وخلال كل هذه المدة انخفضت المديونية مرة واحدة فقط في زمن حكومة معروف البخيت بمقدار (2و .) عُشرين، فيما أخذت المديونية منحى آخر منذ عام 2009 ولغاية 2011 ، حيث بدأت ترتفع مليارين في كل عام ، إلى أن كانت الصدمة خلال فترة حكومة النسور التي استمرت أربع سنوات حيث زاد حجم المديونية خلالها ثلاثة عشر مليار دينار أي تضاعف حجم المديونية.
ورغم أن المقابلة اجريت يوم الاثنين الماضي (20 شباط )، تعد من أخطر المقابلات لكنها مرت مرور الكرام، لأن هذه التصريحات لحكومة الملقي، تُلقي اللوم وبالفم المفتوح على حكومة النسور السابقة ، وتطالب من خلال وزيرها العبادي – الذي كان تحت سدة البرلمان خلال فترة حكومة النسور- بمحاسبة المتسببين بالمديونية ،والمفروض انه كان صاحب الحق في محاسبة ومساءلة الحكومة في ذلك الوقت.
كان الأجدر بوزير الدولة فضلا عن حثه الشارع المحتقن، للثورة على الحكومة التي غادرت دون أن يحاسبها أحد لمضاعفتها للمديونية ، أن يطالب الحكومة السابقة بتقديم جردة حساب، وتوضيح الأسباب التي أدت الى مضاعفة المديونية ، وعلى أقل تقدير أن تقوم الحكومات بعملية “استلام وتسليم” فيما بينها ، لتتمكن من مواجهة الشارع بالحقائق حول اوضاع الناس وأوضاع البلاد ، الذي من حقه أن يفهم ما يدور حوله .
وبما أن حكومة الملقي توعدت بالإعلان عن الفاسدين ، ونشر اسمائهم والتشهير بهم ليكونوا عبرة لمن لا يعتبر، لماذا لا تتخذ هذه المسؤولية وتقوم بمساءلة الحكومة السابقة وتقديمها للمساءلة القانونية ، ومحاسبتها في حال لم يقتنع الشارع بالأسباب التي أدت الى ارتفاع المديونية .
صحيح أن الجماعة غير راضية عن الحكومة الحالية ، وقد تكون وراء افتعال الأزمة، وسحب فتيلها عن طريق أعوانها المنتشرين سواء في الحكومة أو مجلس النواب ، إلا أنه من الواضح أن هناك أبعادا سياسية تقف وراء افتعال هذه الازمة الشعبية ، يتم من خلالها توجيه رسائل خارجية عن رسم صورة للوضع الداخلي ، وخاصة أننا على مقربة من استضافة القمة العربية ، وقبلها القمة الأردنية – السعودية ، لتكون بمثابة رسالة عاجلة لمن يهمه الأمر حول خطورة الوضع وضرورة التدخل السريع والدعم.
ليس من المعقول أن يعاقب المواطن الذي يُنهب وطنه أمام عينيه برفع الأسعار ، وليس من المعقول أيضا أن يترك المذنب من الحكومات السابقة دون عقاب ، ولكن المعقول أن يرفض المواطن الثورة على واقعه حبا وخوفا على وطنه

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى