أزمة صدق / ماجدة بني هاني

أزمة صدق
منذ مدة لم أرسل لسواليف ،فالكتابة تحتاج لحجم هائل من الوجع ،أو لنقل كتلة متورمة من أسى ،تفضي إلى مساحة مناسبة للبوح والتشظي ….
وليس هذا معناه انحسار الألم ؛ بل ربما أنه تسلل عميقا حد التجذر ،وأينع وأورق واستدعى مداد الروح ليبدأ نزف الحرف ،وصدق الإنشاد ….
وما ذنب الكلام إذا دخلنا في أزمة الصدق ،حين تطاول الجميع إلى منصة الكلام ،وعلت الأصوات بالقول ،وابتداع المشاعر الزائفة والتباكي خلف جموع المشيعين للمبادئ ،وأصبحوا أئمة يقرأوون القصار والطوال من الآيات خلفهم آلاف من المغفلين ،يذرفون دموع الندم على غير ذنب ، أنصافهم لا متوضئين ، والأمام يطيل عباءته وينقي ثوبه ويمشط لحيته جيدا ثم يختبئ خلفها ويرتكب الموبقات .
يا حرف هات ما عندك هات واستحضر ما يختبئ في صناديق مقفلات ،فقديما قالوا : قلوب الرجال صناديق مقفلة ،وأكثرهم فاغري أفواههم بما ليس في قلوبهم ،ألا “كبر مقتا عند الله أن يقولوا ما لا يفعلون ”
ووجدنا أنفسنا نتعمق في الأزمة ،من الصدق إلى أزمةفي الثقة في كل ما يُقال وما يُصنع ، فمن أين لنا بحدس رهيب يجعلنا نميز به الخبيث من الطيب؟ ونميز به الغث من السمين من القول وقد تشابهت الألسن ،وتكاثر النساخون وضاع أصحاب الوجع ،واختلط الأنبن بالصخب ،بالفوضى ،وبتنا أمام منصات جوفاء لا تأخذها بالناس إلا ولا ذمة .

وبتنا نتساءل عن جدوى ما نكتب ،وجدوى ما نصدع به من الفكرة وسط هذا الزحام ،ولأننا أصحاب رسالة ،ربما نسأل عنها أمام الحق سبحانه وتعالى ،فكان لا بد أن نقول ،وأن نكون ،وأن نمضي ،لعل آخر الطريق منارة نحث إليها الخطى ،ودار حكمة نودعها ما أنجبت خواطرنا في انتظار ، وعد جديد ….
أزمة صدق …هو ما يوجعنا
مزيدا من الثقة ما نحتاجه ويحتاجنا
ورب كريم نرعاه في دواخلنا ويرعانا في ما نحن سائرون إليه ،فلنمضي لا بأس علينا ولا ضرر ولا ضرار .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى